هذا أمر لكل أحد من خاص وعام أن يطيع الله في كتابه، وأن يطيع رسول الله بمتابعته فمن خالف وأعرض، ورفض ولم يذعن، فإنه كافر، والله لا يحبه، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله، ويتقرب إليه، دل هذا على أن مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطريقة كفر، وأن متابعته عليه السلام هي الطريق، وأنه لو كان الأنبياء، والمرسلون في زمانه ما وسعهم إلا اتباعه، والدخول في طاعته، واتباع شريعته.
[المعنى الحرفي]
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ بطاعة كتابه، وَالرَّسُولَ بطاعته في حياته وطاعة سنته بعد وفاته وبمتابعته في الأقوال والأفعال والأحوال. فَإِنْ تَوَلَّوْا أي أعرضوا عن قبول الطاعة فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ أي فمن أعرض عن قبول الطاعة فإنه كافر والله لا يحبه.
[فوائد حول السياق]
١ - إن الصلة ما بين هاتين الآيتين الأخيرتين، والمقطع كله، واضحة. فالله عزّ وجل في بداية المقطع أعلن أن الدين المقبول عنده هو الإسلام، وهاهنا بين أن هذا الإسلام المقبول عنده هو المتابعة لرسوله، وطاعة كتابه، وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، وما سوى ذلك كفر، وليس بإسلام، وما سوى ذلك غير مقبول عنده.
٢ - وما الصلة ما بين هذا المقطع والذي قبله؟.
رأينا أن المقطع الأول يدور حول أن من آثار ألوهية الله تعالى وقيوميته، إنزال الكتب ليقوم العدل، ويقف الناس عند الحدود، ويهتدوا. وفي هذا المقطع يطالب الخلق بالإسلام له فيما أنزل، ومتابعة رسوله الذي أرسل، فهذا المقطع استمرار للمقطع الأول. ومما يشهد على الصلة بين المقطعين، ما ذكرناه من قبل. قراءة ابن عباس لبداية المقطع الثاني بفتح همزة إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ فيكون الربط على هذه القراءة ما بين هذا المقطع والذي قبله على أشده إذ يكون التقدير:(شهد الله أنه لا إله إلا هو .. شهد الله أن الدين عند الله الإسلام).
٣ - كنا ذكرنا أن سورة آل عمران إنما هي تفصيل لما أجمل في مقدمة سورة البقرة، وكنا سجلنا ملاحظة، هي: كما أنه في مقدمة سورة البقرة عقبت صفات الكافرين صفات المتقين، فإن في سورة آل عمران في كل من المقطعين اللذين يشكلان القسم الأول من السورة قد عقب الكلام عن الكافرين الكلام عن المتقين.