الله تعالى عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال في غاية الكفر والكذب: فأولا جعلوهم بنات الله، فجعلوا لله ولدا- تعالى وتقدّس-، وجعلوا ذلك الولد أنثى، ثم عبدوهم من دون الله- تعالى وتقدّس- وكل منها كاف للتخليد في نار جهنم ثم قال تعالى منكرا عليهم
أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ قال ابن كثير:(أي أي شئ يحمله على أن يختار البنات دون البنين) قال النسفي: (وهو استفهام توبيخ)
ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ هذا الحكم الفاسد أي أما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون
أَفَلا تَذَكَّرُونَ فترون في تذكركم أنكم بهذا تجعلون لله المقام الأدنى، ولأنفسكم المقام الأعلى، على حسب تصوراتكم وقيمكم
أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ أي حجة ظاهرة على ما تقولونه قال النسفي:(أي) أم لكم حجة نزلت عليكم من السماء بأن الملائكة بنات الله؟!
فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ الذي أنزل عليكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم قال ابن كثير: (أي هاتوا برهانا على ذلك يكون مستندا إلى كتاب منزل من السماء عن الله تعالى أنه اتخذ ما تقولونه، فإن ما تقولونه لا يمكن استناده إلى عقل، بل لا يجوّزه العقل بالكلية
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً الجنة هنا إما المراد بها الملائكة لاستتارهم، أو المراد بهم الجن على الحقيقة، فإذا كان المراد بهم الملائكة فهو استكمال لعرض موضوع كفرهم السابق، وإذا كان المراد به الجن فإنه يحتمل وجهين: الأول أن يكون المراد أن الجن هم أمهات الملائكة، وهم بالتالي أزواج الله- على قائل ذلك لعنة الله-، والثاني أن المراد بذلك ما يذهب إليه بعضهم من كون إبليس أخا لله عزّ وجل- تعالى الله عن ذلك- هذا مجمل ما ذكره النسفي وابن كثير في هذا المقام، وسنراه في الفوائد وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ أي الذين نسبوا لهم ذلك إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ أي إن الذين قالوا ذلك لمحضرون في العذاب يوم الحساب لكذبهم في ذلك، وافترائهم، وقولهم الباطل بلا علم، ثم نزّه الله عزّ وجل ذاته عما يصفه به الخلق أجمعون، إلا عباد الله المخلصين فإنهم يصفونه بما هو له قال تعالى
سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ نزّه نفسه عن الصاحبة والولد والنّسب
إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فإنّهم برءاء من أن يصفوه إلا بما هو أهله.
...
[كلمة في السياق]
١ - بدأت السورة بتقرير وحدانية الله عزّ وجل، ثم ناقش المقطع الأول