المطاعم والمشارب وغيرهما قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ أي شكركم قليل، أي تشكرون شكرا قليلا.
وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ أي خلقنا أباكم آدم عليه السلام طينا غير مصور ثم صورناه بعد ذلك، أو خلقناكم في أصلاب الرجال وصورناكم في أرحام النساء، أو الخلق لآدم والتصوير للذرية. ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ أي لم يكن ممن سجد لآدم عليه السلام.
قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ أي أي شئ منعك من السجود إِذْ أَمَرْتُكَ السؤال عن المانع من السجود- مع علمه به- للتوبيخ، ولإظهار معاندته، وكفره، وكبره، وافتخاره بأصله، وتحقيره أصل آدم، وفي الآية دليل لمن ذهب من الأصوليين إلى أن الأمر يفيد الوجوب قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وهي جوهر نوراني وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ أي وهو ظلماني، وفي الفوائد كلام عن هذا.
قالَ فَاهْبِطْ مِنْها أي إن كنت تتكبر فاهبط من الجنة أو من السماء لأنه كان فيها وهي مكان المطيعين والمتواضعين فَما يَكُونُ لَكَ أي فما يصح لك أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها- أي وتعصي فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ أي من أهل الصغار والهوان على الله وعلى أوليائه، يذمك كل إنسان ويلعنك كل لسان لتكبرك، وبه يعلم أن الصغار ملازم للاستكبار
قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ أي أمهلني إلى يوم البعث، والبعث وقت النفخة الأخيرة
قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إلى النفخة الأولى، وإنما أجيب إلى ذلك لما فيه من الابتلاء وفيه تقريب لقلوب الأحباب أي هذا بريء بمن يسيئني فكيف بمن يحبني، وإنما جسره على السؤال مع وجود الزلل منه في الحال علمه بحلم ذي الجلال
قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي أي أضللتني. أي فبسبب إغوائك إياي أقسم لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ أي لأعترضن لهم على طريق الإسلام، مترصدا للرد، متعرضا للصد، كما يتعرض العدو على الطريق ليقطعه على السابلة
ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ بأن أشككهم بالآخرة وَمِنْ خَلْفِهِمْ بأن أرغبهم في الدنيا وَعَنْ أَيْمانِهِمْ أي من قبل الحسنات وَعَنْ شَمائِلِهِمْ أي من قبل السيئات، ولم يقل من فوقهم ومن تحتهم لمكان الرحمة والسجدة: واستعمال عن حين الكلام عن الأيمان والشمائل لأنها تدل على الانحراف وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ أي مؤمنين، قال ظنا فأصاب ظنه. قال تعالي في سورة سبأ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ
قالَ اخْرُجْ مِنْها أي من الجنة أو السماء مَذْؤُماً أي معيبا مَدْحُوراً أي مطرودا مبعدا من رحمة الله أقسم لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أي منك وممن تبعك أَجْمَعِينَ بدون