وبمناسبة قوله تعالى: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً يذكر ابن كثير حديثين أحدهما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود وهو:
دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم مكة، وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً. جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ. والثاني: رواه أبو يعلى عن جابر رضي الله عنه قال: دخلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما يعبدون من دون الله، فأمر بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأكبت على وجوهها. وقال: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً.
وعند قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ يذكر ابن كثير سبب نزولها. ثم يذكر أقوال المفسرين في المراد في هذا المقام. ثم ينقل تحقيق السهيلي في الروح هل هي النفس أو غيرها؟ أما أقوال المفسرين فيذكر أن منهم من ذهب بأن المراد في الآية أرواح بني آدم، ومنهم من ذهب إلى أن المراد به جبريل. ثم ذكر قولا ضعفه هو وما استدل عليه به، وهو أن الروح ملك عظيم القدر. ثم يذكر أن السهيلي فسر قوله تعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي أي من شرعه، أي فادخلوا فيه، وقد علمتم ذلك لأنه لا سبيل إلى معرفة هذا من طبع ولا فلسفة، وإنما يقال من جهة الشرع. ثم قال:
وفي هذا المسلك الذي طرقه وسلكه نظر.
أقول: إن هذا الذي سلكه السهيلي لا يفهم من المعنى الحرفي للآية، ولكنه يفهم من السياق. فإذ ذكر الله أن القرآن شفاء، ثم أتبعه بذكر الطبيعة الكافرة. ثم عقّبه بالسؤال عن الروح والجواب. فكأن في ذلك إشارة إلى أن أمر الروح لا يعلمه إلا الله، ولا يعلم ما يصلحه إلا الله. ولنعد إلى كلام ابن كثير لننقل منه فقرتين. الأولى كلامه في أسباب نزول الآية. والثانية ما نقله عن السهيلي:
أ- قال ابن كثير في سبب نزول الآية:
روى الإمام أحمد .... عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حرث في المدينة، وهو متوكئ على عسيب (جريدة من النخل) فمر بقوم