من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم لا تسألوه. قال:
فسألوه عن الروح فقالوا: يا محمد، ما الروح؟ فما زال متوكئا على العسيب، قال:
فظننت أنه يوحى إليه فقال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. قال: فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه.
وهكذا رواه البخاري ومسلم ... عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينا أنا مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم في حرث، وهو متوكئ على عسيب، إذ مرّ اليهود، فقال بعضهم لبعض:
سلوه عن الروح، فقال: ما رابكم إليه، وقال بعضهم: لا يستقبلنّكم بشيء تكرهونه. فقالوا: سلوه عن الروح فأمسك النبى صلّى الله عليه وسلّم فلم يرد عليهم شيئا فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي. فلما نزل الوحي قال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي الآية وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي: أن هذه الآية مدنية، وأنها نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأن تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك.
أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوا بالآية المتقدم إنزالها عليه وهي هذه الآية وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ومما يدل على نزول هذه الآية. بمكة ما قال الإمام أحمد ... عن ابن عباس قال: قالت قريش ليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح. فنزلت: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. قالوا: أوتينا علما كثيرا. أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا قال: وأنزل الله قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ الآية. وقد روى ابن جرير عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى عن داود عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الروح. فأنزل الله:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الآية. فقالوا: تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلا. وقد أوتينا التوراة وهي الحكمة وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً قال:
فنزلت: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ الآية، قال ما أوتيتم من علم، فنجاكم الله به من النار، فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل.
وقال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار قال: نزلت بمكة وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فلما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة. أتاه أحبار