للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية والسياق أن في الآية إشارة نأخذها من السياق وهي: أنه إذا ظهرت بادرة أخلاقية من عدونا فينبغي أن نقابلها بمثلها، أو بأحسن منها، والله أعلم.

[فوائد]

١ - يستثنى من عموم الآية في الرد بالمثل أو بالأحسن غير المسلم. ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه». وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام «إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم، فقل: وعليكم» نفهم من هذا أن ابتداء غير المسلم بالسلام في الأصل لا يجوز، أما الرد فيجب ولكن ب (وعليكم) فقط. قال ابن عباس: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسيا، ذلك بأن الله يقول: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها. واستثنى الحنفية من حالة عدم الجواز في البداءة لغير المسلم في السلام، حالة ما إذا كان للمسلم حاجة، فيصح له البداءة بالسلام للذمي، (راجع الهدية العلائية ص ٢٦٠). أقول: يبدو أن الأوزاعي يعتبر أن الأوامر بمنع الابتداء بالسلام للذمي والتضييق عليه في الطريق أوامر يومية يقتضيها ظرف معين، ولذلك يجيز الابتداء بالسلام للذمي.

٢ - روى ابن جرير عن سلمان الفارسي قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:

السلام عليك يا رسول الله، فقال: «وعليك السلام ورحمة الله، ثم جاء آخر فقال:

السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال له:

وعليك، فقال الرجل: يا نبي الله بأبي أنت وأمي، أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت عليهما، أكثر مما رددت علي، فقال: إنك لم تدع لنا شيئا، قال الله تعالى:

وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها فرددناها عليك».

قال ابن كثير: وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال النسفي: ويقال: لكل شئ منتهى، ومنتهى السلام، وبركاته. وروي من طرق في أكثر من كتاب من كتب الحديث «أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

«السلام عليكم يا رسول الله، فرد عليه ثم جلس فقال: عشر، ثم جاء آخر فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>