مع التكذيب لغة نراها في كل زمان ومكان، وهي أثر عن الكفر، والحصيلة لهذا كله هو استواء الإنذار وعدمه عند هؤلاء، وذلك هو التفصيل لمحور السورة الرئيسي:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ....
...
[تفسير الفقرة الرابعة]
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ أي: بالمرسلين، أو بالإنذارات
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً قال ابن كثير: وهي الحجارة، وقال النسفي: (أي ريحا تحصبهم بالحجارة أي ترميهم بها) إِلَّا آلَ لُوطٍ أي: هو وابنتاه، قال ابن كثير:
ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ولا رجل واحد حتى ولا امرأته، فأصابها ما أصاب قومها، وخرج نبي الله لوط وبنات له من بين أظهرهم سالما لم يمسسه سوء نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ أي: بسحر من الأسحار
نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا أي: هذا الإنجاء إنعاما من عندنا على لوط وآله كَذلِكَ أي: مثل ذلك الإنجاء نَجْزِي مَنْ شَكَرَ نعمة الله بإيمانه وطاعته
وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ لوط عليه السلام بَطْشَتَنا أي: أخذتنا بالعذاب فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ أي: فكذبوا بالنذر متشككين
وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ أي: طلبوا منه الفاحشة من أضيافه الملائكة، وهم يظنونهم بشرا كما مر معنا تفصيل ذلك في سورتي هود والحجر فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ أي: أعميناهم فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ أي: فقلت لهم على ألسنة الملائكة: ذوقوا عذابي وانذاراتي
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً أي: أول النهار عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ أي: لا محيد لهم عنه، ولا انفكاك لهم منه، قال النسفي: (أي ثابت قد استقر عليهم إلى أن يفضي بهم إلى عذاب الآخرة)
فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ عند ما أذاقهم العمى قال ذوقوا عذابي ونذر، وعند ما صبحهم بالعذاب قال لهم ذلك، لأن العذاب كان متنوعا متعددا، فقرعهم عند إنزاله كل نوع بهذا القول
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فيتعظ فلا يفعل ما فعله المعذبون من تكذيب وعصيان.
...
[كلمة في السياق]
رأينا في الفقرة الرابعة نموذجا جديدا على أمة كذبت ولم تنفعها الإنذارات، ورأينا