حين ارتكبوه، وإنما تحفظ معظمات الأمور) وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ قال ابن كثير: أي: لا يغيب عنه شئ ولا يخفى، ولا ينسى شيئا.
...
[كلمة في السياق]
قررت مقدمة المقطع عقوبة المحادين لله ورسوله وهي الخزي والذلة في الدنيا والآخرة، وذكرت لنا مظهرا من مظاهر خزيهم في الآخرة، وبينت أن الحجة قائمة عليهم بآيات الله البينات، وهذا الكبت لهم في الدنيا والآخرة مظهر من مظاهر الخسار الذي يصيب المحادين لله ورسوله، وقلنا من قبل إن المحادين لله ورسوله هم الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقد فهمنا ذلك من سياق هذا المقطع- إذ ينتهي بكلمة (الخاسرون) - ومن محور السورة كذلك، والآن تأتي فقرة تقرر وتذكر بعلم الله المحيط، وتكاد تكون كالتعليل لما قبلها من كون الله- عزّ وجل- محيطا علما بكل شئ فينبئ الكافرين بما عملوا. فلنر الفقرة:
[تفسير الفقرة الأولى]
أَلَمْ تَرَ بقلبك وعقلك أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ برؤيتك لدقة نظام السموات والأرض، ودقة ما يجري في السموات والأرض، فمن رأى بقلبه أفعال الله علم أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ أي: ما يقع من تناجي ثلاثة نفر إِلَّا هُوَ أي: الله رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى أي: ولا أقل مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ يعلم ما يتناجون به، ولا يخفى عليه ما هم فيه أَيْنَ ما كانُوا أي: مطلع عليهم يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، والملائكة أيضا مع ذلك تكتب ما يتناجون به، مع علم الله به وسمعه له ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ فيجازيهم عليه إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ قال الإمام أحمد افتتح الآية بالعلم واختتمها بالعلم.
[كلمة في السياق]
جاءت هذه الآية لتذكر بإحاطة علم الله في سياق وعيد الذين يحادون الله ورسوله