وتذكير وتدليل وهي- في الوقت نفسه- تحطيم لإنكار الكافرين أصل الوحي
[فائدة]
إن الإيمان بالله يلازمه الإيمان باليوم الآخر، فمن عرف الله آمن باليوم الآخر، إن من عرف علم الله وقدرته لم يستغرب الإعادة والحساب، ومن عرف عدل الله لم يستغرب أن يوجد يوم لتحقيق العدل المطلق، ومن عرف انتقامه لم يستغرب أن يوجد يوم آخر يعذب به أعداءه. ومن عرف كرمه لم يستغرب أن يعد لأوليائه جنته، كيف وقد أرسل الرسل للتبشير بجنته والإنذار بناره، فكيف يستغرب المستغربون؟؟
إن علة عصرنا الرئيسية هي الغفلة عن الله واليوم الآخر، والغفلة عما تقتضيه معرفة الله واليوم الآخر، من التزام بوحي الله، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم وشريعته، ولا دواء لهذه الغفلة إلا بالذكر، وتلاوة القرآن، وبالعلم، وإلا بصحبة الذاكرين، والعلماء العاملين، الطالبين لوجه الله، الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة.
*** هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً أي ذات ضياء وَالْقَمَرَ نُوراً أي ذا نور، والضياء أقوى من النور، ولذا جعله للشمس، جعل الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء، وجعل شعاع القمر نورا؛ مما يشعر بأن هناك فارقا ما، وقد ظهر في عصرنا بوضوح الفارق بين الشمس والقمر. إذ أن نور القمر انعكاس لضياء الشمس.
فالشمس نورها منها، والقمر نوره مستمد من الشمس. وهكذا تظهر معجزات القرآن يوما فيوما، ففي كل يوم جديد وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ أي وقدر سير القمر منازل: أو قدره ذا منازل: فأول ما يبدو صغيرا، ثم يتزايد نوره حتى يستوسق ويكمل إبداره، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حالته الأولى. وهكذا كل شهر قمري لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ أي لتعلموا بالشمس والقمر عدد السنين والشهور والأيام، وحساب الآجال والمواقيت المقدرة بالسنين والشهور. قال ابن كثير:(فبالشمس تعرف الأيام، وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام). أقول: وبالشمس تعرف السنون الشمسية، وبالقمر تعرف السنون القمرية ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ أي ما خلق الله المذكور إلا متلبسا بالحق الذي هو الحكمة البالغة ولم يخلقه عبثا يُفَصِّلُ الْآياتِ أي يبين الحجج والأدلة لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أي لقوم عندهم علم بدقائق هذا الكون، فإذا كان لهم تدبر وتأمل ينتفعون بهما. وإذا كان الله عزّ وجل يفعل مثل هذا