للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ أي مكث الهدهد بعد تفقد سليمان إياه مكثا غير بعيد أي غير طويل. قال النسفي: (ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على إسراعه خوفا من سليمان). أقول: (وفي هذا درس في فن الحكم، وهو أن يكون للدولة هيبتها) فلما رجع الهدهد سأله سليمان عما لقي في غيبته فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ قال ابن كثير: أي اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك. وقال النسفي في تفسير قول الهدهد: علمت شيئا من جميع جهاته. وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ أي بخبر صدق حق يقين. قال ابن كثير: وسبأ هم حمير وهم ملوك اليمن، ثم تابع الهدهد كلامه

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ قال النسفي: (هي بلقيس بنت شراحيل، وكان أبوها ملك أرض اليمن، ولم يكن له ولد غيرها، فغلبت على الملك، وكانت هي وقومها مجوسا يعبدون الشمس)

وقال ابن كثير بعد أن ذكر أقوالا كثيرة للمفسرين في بلقيس وشأنها: (وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن قتادة في قوله تعالى: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ كانت من بيت

مملكة، وكان أولو مشورتها ثلاثمائة واثنى عشر رجلا كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل، وكانت بأرض يقال لها مأرب، على ثلاثة أميال من صنعاء، وهذا القول هو أقرب على أنه كثير على مملكة اليمن والله أعلم).

وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي من متاع الدنيا مما يحتاج إليه الملك المتمكن وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ أي سرير عظيم كبير مزخرف. وللمفسرين والمؤرخين كلام كثير حول السرير ووصفه، لسنا بحاجة إليه في مثل هذا التفسير.

وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ أي عن طريق الحق أي عن سبيل التوحيد فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أي إلى الحق، دل ذلك على أن الهدهد كان مدركا لقضية معرفة الله، ووجوب السجود له، وحرمة السجود للشمس، إلهاما من الله له أو كأثر من وضوح الرؤية عند كل جند سليمان

أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ التقدير فصدهم الشيطان لئلا يسجدوا لله وفي الآية قراءات أخرى وتأويلات أخرى سنراها في الفوائد الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ أي المخبوء فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ أي يعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ فهو رب العرش الذي لا يوجد أعظم منه. قال ابن كثير عن العرش: ليس في المخلوقات أعظم منه: قال النسفي: وصف الهدهد عرش الله

<<  <  ج: ص:  >  >>