قدم الألوسي رحمه الله لسورة الطلاق بقوله:(وتسمى سورة- النساء القصرى- كذا سماها ابن مسعود كما أخرجه البخاري، وغيره، وأنكره الداودي، فقال: لا أرى القصرى محفوظا ولا يقال لشئ من سور القرآن: قصرى.
ولا صغرى، وتعقبه ابن حجر بأنه رد للأخبار الثابتة بلا مستند والقصر والطول أمر نسبي، وقد أخرج البخاري عن زيد بن ثابت أنه قال: طولى الطوليين، وأراد بذلك سورة الأعراف- وهي مدنية بالاتفاق-.
واختلف في عدد آياتها ففي البصري إحدى عشرة آية، وفيما عداه اثنتا عشرة آية، ولما ذكر سبحانه فيما تقدم إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ وكانت العداوة قد تفضي إلى الطلاق، ذكر جل شأنه هنا الطلاق وأرشد سبحانه إلى الانفصال منهن على الوجه الجميل، وذكر عزّ وجل أيضا ما يتعلق بالأولاد في الجملة).
ومن تقديم صاحب الظلال رحمه الله لسورة الطلاق نقتطف ما يلي:(هذه سورة الطلاق، يبين الله فيها أحكامه، ويفصل فيها الحالات التي لم تفصل في السورة الأخرى (سورة البقرة) التي تضمنت بعض أحكام الطلاق، ويقرر فيها أحكام الحالات المتخلفة عن الطلاق من شئون الأسرة).
(ويقف الإنسان مدهوشا أمام هذه السورة، وهي تتناول أحكام هذه الحالة ومتخلفاتها. وهي تحشد للأمر هذا الحشد العجيب من الترغيب والترهيب، والتعقيب على كل حكم، ووصل هذا الأمر بقدر الله في السماوات والأرضين، وسنن الله في هلاك العاتين عن أمره، وفي الفرج والسعة لمن يتقونه. وتكرار الأمر بالمعروف والسماحة والتراضي، وإيثار الجميل. والإطماع في الخير. والتذكير بقدر الله في الخلق وفي الرزق، وفي اليسر والعسر.
يقف الإنسان مدهوشا أمام هذا الحشد من الحقائق الكونية الكبرى في معرض الحديث عن الطلاق أمام هذا الاحتفال والاهتمام، حتى ليوجه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشخصه، وهو أمر عام للمؤمنين وحكم عام للمسلمين، وزيادة في الاهتمام وإشعارا بخطورة الأمر المتحدث فيه. وأمام هذا التفصيل الدقيق للأحكام حالة حالة،