الطاعة. إن الطاعة في الإسلام يجب أن تعطى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرائه الذين أمرهم، ثم لخلفائه الراشدين، ومن أمره الخلفاء الراشدون، ثم لجماعة المسلمين وإمامهم، حيث وجد للمسلمين جماعة وإمام، ولا يجوز للمسلم أن يعطي طاعته لكل صاد عن سبيل الله، غير ملتزم بالإسلام، ولهذا الموضوع حيثيات كثيرة، محلها في سلسلتنا (في البناء).
ولنعد إلى التفسير:
قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أي: من المسحورين الذين سحروا حتى غلبوا على عقولهم
ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ أي في دعوى الرسالة
قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ أي نصيب من الماء فلا تزاحموها فيه وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ أي لا تزاحمكم هي فيه
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ أي بضرب أو عقر أو غير ذلك فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ عظم اليوم لحلول العذاب فيه. قال ابن كثير: .. (حذرهم نقمة الله إن أصابوها بسوء، فمكثت الناقة بين أظهرهم حينا من الدهر ترد الماء، وتأكل الورق والمرعى، وينتفعون بلبنها، يحلبون منها ما يكفيهم شربا وريا، فلما طال عليهم الأمد، وحضر أشقاهم تمالئوا على قتلها وعقرها)
فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ على عقرها، خوفا من نزول العذاب بهم، لا ندم توبة، أو ندموا حين لا ينفع الندم
فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ قال ابن كثير:
(وهو أن أرضهم زلزلت زلزالا شديدا، وجاءتهم صيحة عظيمة اقتلعت القلوب من محالها، وأتاهم من الأمر ما لم يكونوا يحتسبون وأصبحوا في ديارهم جاثمين). وإنما عذب الجميع مع أن العاقر واحد، والمؤتمرين تسعة- كما سنرى في سورة النمل- إلا أن الجميع كانوا راضين، فأصابتهم سنة الله في الاستئصال، وذلك أنهم هم الذين اقترحوا الآية، وأجابهم الله، وسنة الله أن من كفر بعد أن جاءته آية اقترحها، أن يستأصل، وهؤلاء اعتدوا على الآية نفسها، فأي كفر أكبر من ذلك؟ وبمناسبة اقتراحهم الآية. قال ابن كثير: (ثم إنهم اقترحوا عليه آية يأتيهم بها ليعلموا صدقة بما جاءهم به من ربهم، وقد اجتمع ملؤهم وطلبوا منه أن يخرج لهم الآن من هذه الصخرة ناقة عشراء- وأشاروا إلى صخرة عندهم- من صفتها كذا وكذا، فعند ذلك أخذ عليهم نبي الله صالح العهود والمواثيق، لئن أجابهم إلى ما سألوا ليؤمنن به، وليتبعنه، فأعطوه ذلك، فقام نبي الله صالح عليه السلام فصلى، ثم دعا الله عزّ وجل أن يجيبهم