للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الربانية في أن الله جعل هذا القرآن على ما هو عليه من ترتيب، وندرك بذلك لم لم يكن هذا القرآن فصولا وأبوابا تضع النظير إلى جانب النظير. والأمر أوسع من ذلك بكثير كما سنرى. ولكنها لفتة أحببنا أن نذكرها هنا.

٧ - لقد بدأ مقطع القبلة بالكلام عن التوجه إلى المسجد الحرام في الصلاة، وانتهى بالأمر بالذكر والشكر. وقبل ذلك جاءت قصة إبراهيم عليه السلام. وجاء مقطع بني إسرائيل. وجاء مقطع آدم عليه السلام. وجاء قبل ذلك كله الأمر بالعبادة. فكان مقطع القبلة بعد تقريرات كثيرة لشئون كثيرة، هو التبيان العملي لأمور عملية في موضوع العبادة. وكأن ما سبقه بمثابة أساس نظري لبناء الجانب العملي. وسنرى كيف أن الجانب النظري والعملي سيتساوقان في المقطع اللاحق. ثم لنرى أن بدايات القسم الثاني من السورة كذلك. ثم يتمحض القسم الثاني لتقرير أمور عملية تتكامل خلالها قضية بناء التقوى ليأتي بعد ذلك القسم الثالث في البقرة فيكمل بناء الأمة المشرق بالإسلام. ويكمل بناء الإسلام.

٨ - عمق مقطع القبلة في سياقه أن الأصل هو طاعة الله. واتباع هداه. والقيام بالتكليف كائنا ما كان. لا اتباع الهوى في مثل توجه نحو شرق وغرب قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. وسنرى أن المقطع الأول من القسم الثاني من سورة البقرة سينتهي بآية لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. وَلكِنَّ الْبِرَّ ... فلنتذكر الصلة بين هذا المقطع وآية البر التي ستأتي، والتي هي خاتمة الحوار الذي بدأ مع أهل الكتاب في سورة البقرة.

وسنرى من خلال هذه الصلة كيف أن الصلات بين أقسام سورة البقرة، والمقاطع في هذه الأقسام، وبين المقدمة والخاتمة والوسط واسعة جدا، حتى لا يحاط بها. وفي ذلك مظهر من مظاهر الإعجاز في هذا القرآن.

[المقطع السادس والأخير من القسم الأول من سورة البقرة]

ويمتد هذا المقطع من الآية (١٥٣) إلى نهاية الآية (١٦٧) ويتألف من فقرتين وهذا هو.

[الفقرة الأولى]

[سورة البقرة (٢): الآيات ١٥٣ الى ١٦٢]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (١٥٦) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)

إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>