للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي سلام عليه من ربه. سلام يسجل في كتابه الباقي. ويرقم في طوايا الوجود الكبير.

كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ .. كذلك نجزيهم بالبلاء. والوفاء. والذكر.

والسلام. والتكريم.

إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ .. وهذا جزاء الإيمان. وتلك حقيقته فيما كشف عنه البلاء المبين. ثم يتجلى عليه ربه بفضله مرة أخرى ونعمته فيهب له إسحاق في شيخوخته. ويباركه ويبارك إسحاق. ويجعل إسحاق نبيا من الصالحين:

وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ* وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ.

وتتلاحق من بعدهما ذريتهما. ولكن وراثة هذه الذرية لهما ليست وراثة الدم والنسب، إنما هي وراثة الملة والمنهج: فمن اتبع فهو محسن. ومن انحرف فهو ظالم لا ينفعه نسب قريب أو بعيد:

وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ).

كلمة في السياق: [حول قصة إبراهيم وولديه عليهم السلام وبعض ما فيها من دروس]

١ - ذكرنا من قبل أنّ في إنجاء الله تعالى إبراهيم عليه السلام من النار نموذجا على إنجاء المؤمنين، ونلاحظ أن في ذكر إنجاء الله إسماعيل من الذبح نموذجا آخر على أن في تنفيذ أمر الله الخير كل الخير، وأنه مهما كان في ظاهره فيه شدّة فإنّ الخير فيه، وأن اليسر هو عاقبته، ولذلك اتبع الله عزّ وجل موضوع الذبح بقوله تعالى إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ قال ابن كثير: (أي هكذا نصرف عمّن أطاعنا المكاره والشدائد، ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا، كقوله تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ... [الطلاق: ٢، ٣] وقد جعل الله في هذه الحادثة سنة خالدة للمسلمين في شعيرة الأضحية، تذكيرا لما فعل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إذ أسلما هذا الإسلام العجيب الخالد.

٢ - في قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام نموذج على التوحيد الخالص، الذي ترافقه الطاعة الكاملة والاستسلام الكامل لله، وفي ذلك تمثيل جديد لما يخدم قضية التوحيد، وهو الموضوع الرئيسي في السورة كما رأينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>