قال الألوسي في سورة العصر:(وهي على قصرها جمعت من العلوم ما جمعت، فقد روي عن الشافعي عليه الرحمة أنه قال: لو لم ينزل غير هذه السورة لكفت الناس؛ لأنها شملت جميع علوم القرآن. وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن أبي حذيفة- وكانت له صحبة- قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة والعصر، ثم يسلم أحدهما على الآخر، وفيها إشارة إلى حال من لم يلهه التكاثر، ولذا وضعت بعد سورته).
وقال صاحب الظلال:
(في هذه السورة القصيرة ذات الآيات الثلاث يتمثل منهج كامل للحياة البشرية كما يريدها الإسلام. وتبرز معالم التصور الإيماني بحقيقته الكبيرة الشاملة في أوضح وأدق صورة. إنها تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار. وتصف الأمة المسلمة:
حقيقتها ووظيفتها. في آية واحدة وهي الآية الثالثة من السورة .. وهذا هو الإعجاز الذي لا يقدر عليه إلا الله.
والحقيقة الضخمة التي تقررها هذه السورة بمجموعها هي هذه:
إنه على امتداد الزمان في جميع الأعصار. وامتداد الإنسان في جميع الأدهار، ليس هنالك إلا منهج واحد رابح، وطريق واحد ناجح. هو ذلك المنهج الذي ترسم السورة حدوده، وهو هذا الطريق الذي تصف السورة معالمه. وكل ما وراء ذلك ضياع وخسار. وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ.
إنه الإيمان. والعمل الصالح. والتواصي بالحق. والتواصي بالصبر .. ).
[كلمة في سورة العصر ومحورها]
تبدأ سورة البقرة بقوله تعالى: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ