يحذر الله تعالى عباده المؤمنين من طاعة فريق من أهل الكتاب- وذكر الفريق هنا يدل على أن ليس كل أهل الكتاب يبذلون جهدا لإضلالنا. وبين أنه في حالة طاعة هذا الفريق، فإن الكفر والردة هما اللذان سنصير إليهما. فالهدف الذي يسعى إليه هذا الفريق إذن، هو تكفيرنا وردتنا. ولعل واقع عصرنا هو التفسير الواضح لهذا المعنى، إذ استطاع كثير من أهل الكتاب أن يصلوا إلى أخذ طاعة أبناء المسلمين من خلال أحزاب أو مؤسسات واستطاعت كثير من الدول الكافرة أن تستجلب سمع الكثير من أبناء المسلمين، فكان من آثار ذلك هذه الردة الكبيرة التي نراها. وفي الآية الثانية يعجب الله عزّ وجل من أن نكفر، وقد اجتمع لنا ما لا يعقل معه الكفر وهو هذا الكتاب المعجز وهذا الرسول الذي تضافرت المعجزات والخصائص والبشائر والآثار والثمرات على أنه رسول الله حقا ثم يبين أن الهداية إلى الصراط المستقيم مدارها على الاعتصام بالله، والاعتصام بالله يقتضي اعتصاما بكتابه ورسوله، وهذا الاعتصام هو العمدة في الهداية والعدة في مباعدة الغواية والوسيلة إلى الرشاد، وطريق السداد وحصول المراد.
وهاتان الآيتان جسر بين ما قبل وما بعد، فبعد أن نوقش موقف أهل الكتاب يأتي الآن نهي عن طاعتهم. وإذ نحن مأمورون بالإيمان فستذكر مقتضياته.