الدنيا، وقد ربط النسفي الفاء في الآية بالآية التي قبلها، فصار المعنى عنده: كأنه قيل: اصبر على أذاهم؛ فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى عاقبة صبرك عليه، والذي أرجحه أن ما بعد الفاء في الآية تعليل للأمر بالإنذار فإن شدة ذلك اليوم تقتضي الإنذار، وما يقتضيه الإنذار من تعظيم لله، وتطهير للنفس، وهجر للمعاصي، وترك للمنة، وعزوف عن الاستكثار، وصبر على القيام بأوامر الله.
[كلمة في السياق]
١ - بدأت السورة بالأمر بالإنذار وما يقتضيه الإنذار من أخلاق، وعللت لذلك بمجيء يوم القيامة وشدته على الكافرين مما يقتضي أن ينذر الناس جميعا ليعرفوا ما أمامهم.
٢ - بعد الآيتين اللتين جاءتا مباشرة بعد مقدمة سورة البقرة ورد قوله تعالى:
فسورة المدثر تأمر من أنزل عليه القرآن أن يقوم بواجب الإنذار، والقيام بواجب الإنذار يقتضي القيام بالتبشير، ولكن التبشير إنما يكون إذا وجد مؤمنون، وسورة المدثر نزلت ولما يوجد مؤمنون بعد.
٣ - بعد الآيات المذكورة من سورة البقرة يأتي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وتأتي فقرة في سورة المدثر تعطينا نموذجا على هؤلاء الخاسرين الذين ضلوا ولا ينفع معهم إنذار، وتعطينا نموذجا على اعتراض المعترضين على أمثال القرآن، ونموذجا لأمثال القرآن التي