يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى. أي: لا تصلوا وأنتم في حالة سكر. حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ. أي: لتعلموا ما تقرءون. وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا. أي: ولا تصلوا جنبا. أي: لا تقربوا الصلاة غير مغتسلين حال الجنابة، إلا أن تكونوا مسافرين، عادمين الماء، متيممين. هذا ما ذهب إليه الحنفية في فهم الآية:
لا تقربوا الصلاة سكارى، لا تقربوا الصلاة جنبا حتى تغتسلوا، إلا في حالة السفر، فاقربوها متيممين لفقدان الماء.
ومذهب الشافعية في فهم الآية على الشكل التالي:
لا تقربوا الصلاة. أي: لا تقربوا مواضعها. وهي المساجد، وأنتم سكارى. ولا تقربوا المساجد جنبا، إلا عابري سبيل. أي: مجتازين فيها. فيجوز عندهم للجنب العبور في
المسجد عند الحاجة. وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ: طويل، أو قصير. أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ. والغائط: هو المكان المطمئن من الأرض كنى بذكره عن التغوط وقضاء الحاجة، وهو الحدث الأصغر. أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ. أي: أو جامعتموهن على أصح أقوال المفسرين في هذا المقام، كما رجحه ابن كثير. فَلَمْ تَجِدُوا ماءً. أي: فلم تقدروا على استعماله، لعدمه أو بعده، أو فقد آلة الوصول إليه، أو لمانع من حية أو سبع، أو عدو. ذكره النسفي. فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً. فسر الزجاج الصعيد، بوجه الأرض، ترابا كان، أو غيره. وإن كان صخرا لا تراب عليه. لو ضرب المتيمم يده، ومسح، لكان ذلك طهوره. وهذا مذهب الحنفية. وسترى أن هذه القضية، خلافية. والطيب في الآية: الطاهر على رأي الحنيفة. فصار المعنى: أن المريض، والمسافر، والمحدث، وأهل الجنابة، لهم التيمم إذا عدموا الماء حقيقة أو حكما فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ. أي:
امسحوا وجوهكم وأيديكم، بأيديكم التي ضربتم بها الصعيد الطيب بنية التيمم، وهل المراد بالأيدي هنا، الأكف فقط، أو الأيدي إلى المرافق؟ قولان سنراهما إن شاء الله.
إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا. بالترخيص، والتيسير. غَفُوراً. عن الخطأ، والتقصير.