المنافقين بأنهم يدعون الإيمان ولا يؤمنون، وفي هذه السورة وصف الله الكافرين والمنافقين بأنهم يكذبون بالدين، وفي مقدمة سورة البقرة وصف الله المتقين بالإنفاق، وفي هذه السورة وصف الله الكافرين والمنافقين بأنهم لا ينفقون ولا يحضون على الإنفاق، بل يؤذون اليتيم، ويمنعون الماعون، وفي مقدمة سورة البقرة وصف الله المتقين بإقام الصلاة، وفي هذه السورة وصف الله المنافقين بأنهم ساهون عن صلاتهم وإذا صلوا فهم مراءون، من هذا نعلم أن سورة الماعون أتمت بيان الصورة العامة للمتقين والكافرين والمنافقين التي رسمتها مقدمة سورة البقرة، وأعطتنا تفصيلا أوسع لقضية النفاق، فارتباطها بمحورها واضح، ومعانيها تتكامل مع معاني مجموعتها، فسورة العصر ركزت على خصائص المتقين، وسورة الهمزة، والفيل، وقريش لها صلة بالكلام عن الكافرين، وسورة الماعون لها صلة بالكلام عن المنافقين، ولذلك كله صلاته بمقدمة سورة البقرة التي تحدثت عن المتقين والكافرين والمنافقين.
[الفوائد]
١ - رأينا أن ابن كثير ذكر كل ما يمكن أن يدخل في قوله تعالى الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ونضيف هنا أنه بعد أن ذكر ذلك قال:(ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك فقد تم له نصيبه منها وكمل له النفاق العملي، كما ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا» فهذا أخر صلاة العصر التي هي الوسطى كما ثبت به النص، إلى آخر وقتها وهو وقت كراهة، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب لم يطمئن ولا خشع فيها أيضا، ولهذا «لا يذكر الله بها إلا قليلا» ولعله إنما حمله على القيام إليها مراءاة الناس لا ابتغاء وجه الله، فهو كما إذا لم يصل بالكلية. قال الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ
وقال ابن كثير:(وروى ابن جرير عن سعد بن أبي وقاص قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون قال: «هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها» (قلت) وتأخير الصلاة عن وقتها يحتمل تركها بالكلية، ويحتمل صلاتها بعد وقتها،