للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملتبس، قال ابن كثير: (أي وهذا حال كل من خرج عن الحق مهما قال بعد ذلك فهو باطل) أقول: وقد دلّت الآية على أن الله عزّ وجل يعاقب المكذبين بالحق بجعلهم في اضطراب يشمل المواقف والآراء والفرد والجماعة، فهو عقاب تلقائي آني دنيوي ينزل بالمكذبين بالحق.

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها قال ابن كثير: يقول تعالى منبها على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه:

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا ... وقال النسفي: (دلّهم على قدرته على البعث فقال أَفَلَمْ يَنْظُرُوا حين كفروا بالبعث إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم كَيْفَ بَنَيْناها رفعناها بغير عمد وَزَيَّنَّاها بالنيّرات وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ من فتوق وشقوق أي: إنها سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل).

ثم قال تعالى وَالْأَرْضَ مَدَدْناها قال ابن كثير: وسّعناها وفرشناها وقال النسفي: أي دحوناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ قال ابن كثير: (وهي الجبال لئلا تميد وتضطرب) وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ أي: صنف بَهِيجٍ أي: حسن المنظر يبتهج به لحسنه، أي من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع

تَبْصِرَةً وَذِكْرى أي: لتبصروا به وتتذكروا لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ أي: راجع إلى ربه متفكّر في بدائع خلقه، قال ابن كثير: أي ومشاهدة خلق السموات والأرض، وما جعل الله فيهما من الآيات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب، أي: خاضع خائف وجل رجّاع إلى الله عزّ وجل.

[كلمة في السياق]

رأينا من كلام النسفي ومن كلام ابن كثير أن هذه الفقرة لفتت النظر إلى قدرة الله، لتدلل من خلال ذلك على أن استبعاد البعث من قبل الكافرين في غير محله، فإن الله عزّ وجل الذي هذه آثار قدرته لا يعجزه ما استبعد الكافرون وقوعه وهو البعث، وقد بيّنت الآيات أن هذه المظاهر إنما تبصّر وتذكّر من اجتمع له صفتان:

العبودية لله، والإنابة إلى الله، فهؤلاء هم الذين يرون في ذلك ما يستدلون به استدلالا صحيحا على ما بعث به الرسل من حق، وعلى ما أنذروا به من حساب.

<<  <  ج: ص:  >  >>