أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً أي الجنة فلا شئ أحسن منها لأنها دائمة ولذا سميت الجنة بالحسنى فَهُوَ لاقِيهِ أي رائيه ومدركه ومصيبه وهم المؤمنون المسلمون الصادقون كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ أي من الذين أحضروا النار وهم الكافرون المكذبون.
[كلمة في السياق]
في هاتين الآيتين ترغيب للدخول في الإسلام، ولو لم يكن معه دنيا، وترهيب من الكفر ولو كان معه دنيا. وهو رد جديد على الذين يتركون الإسلام خوف التخطف فإن الإسلام إذا لم يكن معه دنيا أصلا فإنه خير من الكفر ولو رافقته الدنيا، لأن الآخرة خير من الدنيا، وإذ يقرر الله عزّ وجل ذلك تأتي ثلاث فقرات، علامة كل منها هي قوله تعالى وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ* وكلها عرض لما يكون في الآخرة، بحيث يرى منها أن الأمر كل الأمر هناك.
*** الفقرة الأولى:
وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أي واذكر يوم ينادي الله الكفار نداء توبيخ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ يعني أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدار الدنيا من الأصنام والأنداد هل ينصرونكم أو ينتصرون؟ يقول هذا على سبيل التقريع والتهديد
قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ يعني الشياطين والمردة والدعاة إلى الكفر ومعنى حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ وجب عليهم مقتضاه وثبت وهو قوله تعالى لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ* رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أي دعوناهم إلى الشرك وسولنا لهم الغي أَغْوَيْناهُمْ كَما أي مثلما أَغْوَيْنا يعنون أنا لم نغو إلا باختيارنا فهؤلاء كذلك غووا: باختيارهم لأن إغواءنا لهم لم يكن إلا وسوسة وتسويلا فلا فرق إذا بين غينا وغيهم، وإن كان تسويلنا داعيا لهم إلى الكفر، فقد كان في مقابلته دعاء الله لهم إلى الإيمان بما وضع فيهم من أدلة العقل، وما بعث إليهم من الرسل، وأنزل عليهم من الكتب، وهو كقوله وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ