فلهم أجرهم عند ربهم، ثم يأمرنا بالصبر والمصابرة، والمرابطة والتقوى، وفي ذلك كله ما يعمق عندنا الإيمان الذي لا نطيع به كافرا، والذي ننال به وعود الله لنا، وإذ كان هذا المقطع هو خاتمة السورة، فإنه يربط بين بداية السورة، وخاتمتها. ففي بداية السورة وصف الله- عزّ وجل- أولي الألباب بقوله: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ ويأتي في هذا المقطع تعريف لأولي الألباب. إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ... فهؤلاء هم الذين يؤمنون بالكتاب حق الإيمان، فيؤمنون به كله، عاملين بمحكمه، مسلمين لمتشابهه، وهم القائمون بأمر الله حقا. وكما ذكر المقطع الأول في السورة الكافرين وأهل الكتاب، فهذا المقطع يذكر الكافرين، ويثني على من آمن من أهل الكتاب.
فالسورة يرتبط أولاها بأخراها، كما ترتبط كل أقسامها برباط جامع.
وكون المقطع تفصيلا لمقدمة سورة البقرة فهذا واضح. فمقدمة سورة البقرة تذكر أن القرآن هدى للمتقين الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ. أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وكما أن سورة البقرة سبقت خاتمتها بآية تذكر بمالكية الله، فإن خاتمة سورة آل عمران كذلك. وكما أن خاتمة سورة البقرة ختمت بتعليم وتقرير لقضايا إيمانية ودعوات، فإن سورة آل عمران كذلك.
[المعاني العامة في المقطع]
جاءت الآيات الأولى في المقطع تبين: من هم أولو الألباب، فقد بين الله- عزّ وجل- أن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار آيات، ولكن هذه الآيات لا تتكشف إلا لأهل اللب. ثم بين أن أهل اللب هم