للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن إسحاق عن ابن عباس في ذكر أنهم ثمانية، وتسمية كل واحد منهم، وتسمية كلبهم ثم قال: وفي تسميتهم بهذه الأسماء واسم كلبهم نظر في صحته، والله أعلم، فإن غالب ذلك متلقى من أهل الكتاب وقد قال تعالى: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً أي فلا تجادل أهل الكتاب وغيرهم في شأن أهل الكهف، إلا جدالا ظاهرا غير متعمّق فيه، أو جدالا سهلا لينا، فإن الأمر في معرفة ذلك لا يترتب عليه كبير فائدة. وهكذا شأن المسلم في كل أمر من هذا القبيل، لا يجادل فيه إلا ضمن حدود وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ

أَحَداً

أي ولا تسأل أحدا من أهل الكتاب، ولا من غيرهم عن قصتهم سؤال متعنت له، حتى يقول شيئا فتردّه عليه، وتزيّف ما عنده، ولا سؤال مسترشد، لأن الله تعالى قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم، وهذا أدب المسلم ألا يستفتي في أمر دينه أحدا من خلق الله غير أهل العلم من المسلمين.

وقبل أن تنتهي القصة يصدر الله توجيها سببه سهو وقع لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند ما سئل عن هذه القصة، على حسب رواية ابن إسحاق التي عرفنا شأنها، وبعد التوجيه يعود الكلام إلى سيرة أهل الكهف، ثم يصدر الله مجموعة أوامر لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، ثم يقرر تقريرا، وكأن هذا يفيد أن الأوامر الآتية بعد القصة مرتبطة ارتباطا تاما مع القصة، فأثناء القصة يأتي توجيه، وبعد القصة تأتي توجيهات مرتبطة بالقصة، فلقد عرّفنا الله على القصة، وأعطانا دروسها ووجّهنا في شأنها، فلنر تتمة المقطع.

وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هذا إرشاد من الله تعالى لرسوله صلّى الله عليه وسلّم، أنّ الأدب فيما إذا عزم على شئ ليفعله في المستقبل أن يرد ذلك إلى مشيئة الله عزّ وجل، علام الغيوب، الذي يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون. وهذا نهي تأديب من الله لنبيه صلّى الله عليه وسلّم أن يعلق كل ما يعزم عليه من فعل على مشيئة الله تعالى وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ أي إذا نسيت الاستثناء، أي قولك إن شاء الله، فقل ذلك عند ذكرك له، ويمكن أن يكون المعنى: واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء؛ تشديدا في البعث على الاهتمام بها. ويمكن أن يكون المعنى: إذا نسيت أي شئ فاذكر الله ليذكّرك المنسي وَقُلْ إذا نسيت شيئا عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لشئ آخر بدل هذا المنسي، أقرب منه رشدا، وأدنى خيرا أو منفعة، ومن ثم قال: لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً وفي الآية كلام سنراه في الفوائد. وسبب نزول هذه الآية على حسب رواية ابن إسحاق أنّه صلّى الله عليه وسلّم لمّا سئل عن

<<  <  ج: ص:  >  >>