من هذه الصفات، ثم ذكر الله بعزته وحكمته في هذا المقام فهو المعز لمن أطاعه، المعز لمن اتصف بهذه الصفات، الحكيم في قسمته هذه الصفات لهؤلاء، وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة، فإنه له الحكمة في جميع ما يفعله تبارك وتعالى، ثم أخبر الله بما أعده للمؤمنين والمؤمنات من الخيرات والنعيم المقيم في الجنات من مساكن وما حوت، ومن رضوان الله، وهو أعظم من كل نعيم وأي فوز أعظم من هذا الفوز.
وبهذا ينتهى المقطع الأول من القسم الثاني في هذه السورة ليأتي المقطع الثاني مبتدئا بالأمر بجهاد الكافرين والمنافقين، بعد أن وصف المنافقين كما رأينا، وإذ كان الأمر الجديد بجهاد المنافقين مع جهاد الكافرين يقتضي مزيدا من وصف المنافقين فإن المقطع اللاحق سيكون امتدادا لوصف المنافقين وأحوالهم من خلال استكمال عرض ما حدث في غزوة تبوك، وهذا شئ سنراه في المقطع الثاني.
[كلمة في السياق]
١ - في القسم الأول من السورة جاء أمر بقتال المشركين، وأمر بقتال أهل الكتاب، ثم جاء القسم الثاني فأظهر لنا من خلال الموقف من النفير أن هناك منافقين، وإذن فليس المظهر الوحيد للكفر هو الشرك وانحرافات أهل الكتاب ولذلك فإن المقطع الأول من القسم الثاني أوصلنا إلى المقطع الثاني في القسم الثاني والذي بدايته يا
فليس المشركون العرب وحدهم محل القتال، وليس أهل الكتاب وحدهم محل قتال، بل المشركون وأهل الكتاب وكل كافر ومنافق، إن عملية الجهاد يجب أن تبقى مستمرة حتى يخضع العالم كله لكلمة الله، ولا يعني هذا الإكراه على الدخول في دين الله، إلا مشركي العرب.
٢ - عرفنا من السياق أن النفير العام هو الذي يظهر فيه النفاق، كما يظهر الإيمان، ورأينا أن المنافقين من شأنهم في النفير العام الاستئذان من غير ما عذر، والطمع، وأن من شأنهم التشكيك في القيادة، والتشكيك في تصرفات المؤمنين.
٣ - عرفنا السياق على صفات المؤمنين الحقيقيين، كما عرفنا على صفات المنافقين، وإذ كان المنافق في الأصل يكتم سره، ويتظاهر بالإيمان وإذ سيصدر أمر بجهاد المنافقين، فإن