ذكر الله عزّ وجل في هذه الآيات ما يستوجب شكره وعبادته وإفراده بالعبادة، وختم هذه الآيات بأن أمر رسوله الله صلّى الله عليه وسلم أن يبيّن أنّه منهي عن عبادة غير الله عزّ وجل، ومأمور بالاستسلام لله، وفي ذلك بيان أنّ الموقف الصحيح من الآيات هو إفراد الله عزّ وجل بالعبادة والاستسلام، لا كما فعل الكافرون من ردّ الآيات، ورفض العبادة والاستسلام لله عزّ وجل، وهذا يؤكّد الصلة بين هذه الآيات ومسار السورة عامة، كما يوضح الصلة بين هذه الآيات وبين قوله تعالى: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ كما يوضح أن الأمر بعبادة الله يدخل فيه النهي عن عبادة غيره، كما يدخل فيه التسليم لله رب العالمين.
ج-
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ قبل أن تكونوا نطفا، وذلك أن التراب والهواء يتحوّلان إلى غذاء، والغذاء يتحوّل داخل الجسم إلى نطف، أو المراد خلق آدم عليه السلام من تراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ببلوغكم الأربعين ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً بعد بلوغكم الأشدّ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ أي: من قبل بلوغ الأشدّ أو بلوغ الشيخوخة وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى أي:
ويفعل ذلك ليبلغ الجنس البشري يوم القيامة وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ: ما في ذلك من العبرة والحجج، فتؤمنوا وتعبدوا وتسلموا
هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ أي: هو المنفرد بذلك لا يقدر على ذلك أحد سواه فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ أي: فإنّما يكوّنه سريعا من غير كلفة، ومن كان هذا شأنه فيجب أن يعبد وحده، ولا يشرك به، وأن يسلم له.
[كلمة في السياق]
قلنا إن سورة المؤمن تتألف من مقدّمة ومقطع، ورأينا أنّه بانتهاء قصة موسى تنتهي