الدنيا،
ثم علل تعالى لاستحقاقهم ذلك بقوله: إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً أي: لا يخافون محاسبة الله إياهم، أو لم يؤمنوا بالبعث فيرجوا حسابا، قال ابن كثير:
أي: لم يكونوا يعتقدون أن ثم دارا يجازون فيها، ويحاسبون
وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أي:
بالقرآن كِذَّاباً أي: تكذيبا، قال ابن كثير: أي: وكانوا يكذبون بحجج الله ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسله صلى الله عليهم وسلم فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً أي: مكتوبا في اللوح أو المعنى: كتبناه كتابة، قال ابن كثير: أي: وقد علمنا أعمال العباد كلهم وكتبناها عليهم، وسنجزيهم على ذلك إن خيرا فخير، وإن شرا فشر
فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً قال ابن كثير: أي: يقال لأهل النار ذوقوا ما أنتم فيه فلن نزيدكم إلا عذابا من جنسه، وآخر من شكله أزواج.
[كلمة في السياق]
١ - لقد علل الله عزّ وجل لما استحق به الكافرون ما استحقوه بقوله: إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً* وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً فهما قضيتان: التكذيب بآيات الله، وعدم رجاء الحساب، ومن هاهنا نعلم ماهية النبأ العظيم، فالنبأ العظيم هو القرآن الذي تحدث عن اليوم الآخر، وهكذا عرفنا من هذه المجموعة ماهية النبأ العظيم، وعرفنا بماذا تهدد الله عزّ وجل به الكافرين بقوله: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ....
٢ - بعد أن عرض الله عزّ وجل ما أعد للكافرين يحدثنا في المجموعة الثانية من الفقرة الثانية عما أعده عزّ وجل للمتقين، وفي ذكر ما أعده الله عزّ وجل للمتقين في هذا السياق إشارة إلى أن ما يعطاه المتقون يوم القيامة نوع عذاب للكافرين، وزيادة حسرة، أخذنا ذلك من مجئ هذه المجموعة في سياق السورة التي قالت مقدمتها ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ.
٣ - حدثنا محور السورة أن للكافرين عذابا عظيما: وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ وقد فصلت المجموعة التي مرت معنا في ماهية هذا العذاب العظيم.
[تفسير المجموعة الثانية من الفقرة الثانية]
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً أي: نجاة من كل مكروه، وظفرا بكل محبوب، قال ابن عباس: أي: متنزها
حَدائِقَ أي: بساتين فيها أنواع الشجر المثمر