أنه قال في قوله عزّ وجل: وَعَمِلَ صالِحاً يعني: صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة. ثم أورد البغوي حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة- ثم قال في الثالثة- لمن شاء» وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من حديث عبد الله بن بريدة عنه، وحديث الثوري المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال الثوري: لا أراه إلا قد رفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم «الدعاء لا يردّ بين الأذان والإقامة» ورواه أبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة كلهم من حديث الثوري به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ورواه النسائي أيضا من حديث سليمان التيمي عن قتادة عن أنس به، والصحيح أن الآية عامة في المؤذنين وفي غيرهم، فأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الأذان مشروعا بالكلية لأنها مكية، والأذان إنما شرع بالمدينة بعد الهجرة حين أريه عبد الله بن عبد ربه الأنصاري رضي الله عنه في منامه، فقصّه على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأمره أن يلقيه على بلال رضي الله عنه فإنه أندى صوتا كما هو مقرر في موضعه، فالصحيح إذا أنها عامة كما قال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، هذا خليفة الله).
١٢ - [كلام ابن كثير عن سعة عفو الله بمناسبة آية إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ]
بمناسبة قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ قال ابن كثير:(روى ابن أبي حاتم ... عن سعيد بن المسيّب قال: نزلت هذه الآية إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتّكل كل أحد»).
١٣ - [كلام صاحب الظلال حول آية سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ .. ]
وبمناسبة قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ قال صاحب الظلال: (إنه وعد الله لعباده- بني الإنسان- أن يطلعهم على شئ من خفايا هذا الكون، ومن خفايا أنفسهم على السواء. وعدهم أن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، حتى يتبيّن لهم أنه الحق. هذا الدين. وهذا الكتاب.
وهذا المنهج. وهذا القول الذي يقوله لهم. ومن أصدق من الله حديثا؟.
ولقد صدقهم الله وعده، فكشف لهم عن آياته في الآفاق خلال القرون الأربعة عشر