التي تلت هذا الوعد، وكشف لهم عن آياته في أنفسهم. وما يزال يكشف لهم في كل يوم عن جديد.
وينظر الإنسان فيرى البشر قد كشفوا كثيرا جدا منذ ذلك الحين. فقد تفتّحت لهم الآفاق. وتفتّحت لهم مغاليق النفوس بالقدر الذي شاءه الله.
لقد عرفوا أشياء كثيرة. لو أدركوا كيف عرفوها وشكروا لكان لهم فيها خير كثير.
عرفوا منذ ذلك الحين أن أرضهم التي كانوا يظنونها مركز الكون .. إن هي إلا ذرة صغيرة تابعة للشمس. وعرفوا أن الشمس كرة صغيرة منها في الكون مئات الملايين.
وعرفوا طبيعة أرضهم وطبيعة شمسهم- وربما طبيعة كونهم، إن صح ما عرفوه!.
وعرفوا الكثير عن مادة هذا الكون الذي يعيشون فيه. إن صح أن هناك مادة.
عرفوا أن أساس بناء هذا الكون هو الذرة. وعرفوا أن الذرة تتحول إلى إشعاع.
وعرفوا إذن أن الكون كله من إشعاع .. في صور شتى: هي التي تجعل منه هذه الأشكال والأحجام!.
وعرفوا الكثير عن كوكبهم الأرضي الصغير. عرفوا أنه كرة أو كالكرة. وعرفوا أنه يدور حول نفسه وحول الشمس. وعرفوا قاراته ومحيطاته وأنهاره. وكشفوا عن شئ من باطنه. وعرفوا الكثير من المخبوء في جوف هذا الكوكب من الأقوات. والمنثور في جوه من هذه الأقوات أيضا!.
وعرفوا وحدة النواميس التي تربط كوكبهم بالكون الكبير، وتصرف هذا الكون الكبير. ومنهم من اهتدى فارتقى من معرفة النواميس إلى معرفة خالق النواميس. ومنهم من انحرف فوقف عند ظاهر العلم لا يتعداه. ولكن البشرية بعد الضلال والشرود من جراء العلم، قد أخذت عن طريق العلم تثوب، وتعرف أنه الحق عن هذا الطريق.
ولم تكن فتوح العلم والمعرفة في أغوار النفس بأقل منها في جسم الكون. فقد عرفوا عن الجسم البشري وتركيبه وخصائصه وأسراره الشئ الكثير. عرفوا عن تكوينه وتركيبه ووظائفه وأمراضه، وغذائه وتمثيله، وعرفوا عن أسرار عمله وحركته، ما يكشف عن خوارق لا يصنعها إلا الله.
وعرفوا عن النفس البشرية شيئا .. إنه لا يبلغ ما عرفوه عن الجسم؛ لأن العناية