للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاقلا متأمّلا- لأن الغافل كالميّت- أو حيا بالقلب وَيَحِقَّ الْقَوْلُ أي وتجب كلمة العذاب عَلَى الْكافِرِينَ الذين لا يتأمّلون وهم في حكم الأموات. قال ابن كثير:

أي هو رحمة للمؤمنين وحجّة على الكافرين.

[كلمة في السياق]

١ - نلاحظ أن آخر هذه المجموعة هو قوله تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ* لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ ونلاحظ أنه قبل قوله تعالى:

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا من المقطع الأول ورد قوله تعالى: وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ* إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ* إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ وهذا يفيد أن ما ورد بين هذه الآيات كان إنذارا، وقد شمل هذا الإنذار فقرة ضرب المثل، وشمل فقرة أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ ... وشمل فقرات وَآيَةٌ لَهُمُ وشمل فقرة ما يَنْظُرُونَ ... وشمل فقرة وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ مما يشير إلى أن أنواع الإنذار لا تفيد مع الكافرين الذين توافرت فيهم صفات معينة فههنا قد ذكر من أنواع الإنذار الكثير، الإنذار بضرب المثل، والإنذار بذكر العبر من التاريخ، والإنذار بذكر الآيات، والإنذار بالأمر العملي المباشر، والإنذار بعرض مشاهد اليوم الآخر، والإنذار ببأس الله وعقابه، واستقرّ السياق على أن غير الأحياء لا يستفيدون.

٢ - إن مجئ قوله تعالى في آخر المجموعة الأولى من المقطع الأول: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ومجئ قوله تعالى:

لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ في آخر المجموعة الأولى من المقطع الثاني يدلنا على أن إحدى الآيتين تفسير الأخرى؛ فالحي هو من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب. قال ابن كثير: (وإنما ينتفع بنذارته من هو حي القلب مستنير البصيرة، وقال قتادة: حي القلب حي البصيرة) ومن ثمّ فعلى الذين يشتغلون بالتربية أن يبدءوا بإحياء القلب فذلك الذي يجعل الإنسان يتّبع القرآن وعندئذ تبدأ التربية الكاملة على كل معاني الكتاب والسنة. وقد رأيت الناس في عصرنا قسمين: قسم يربون

ويعتبرون أن مهمتهم تنتهي عند تربية القلب وإحيائه، ولا يعطون تعليم الكتاب والسنة الشريفة بعد ذلك الأهمية التي تستحقها، وقسم لا يعرفون شيئا عن موضوع

<<  <  ج: ص:  >  >>