يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى العرض: المتاع. أي يأخذون حطام هذا الشئ الأدنى يريد الدنيا وما يتمتع به منها وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا أي لا يؤاخذنا الله بما أخذنا وتمتعنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أي يرجون المغفرة وهم مصرون عائدون إلى مثل فعلهم غير تائبين. ومن شروط التوبة العزم على عدم العودة، وهؤلاء يرجون المغفرة ولا يقلعون عن ذنب أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أي الميثاق المذكور في الكتاب أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أي إلا الصدق وَدَرَسُوا ما فِيهِ أي وقرءوا ما في الكتاب وعلموا ما أخذ عليهم من ميثاق ومع ذلك كانوا يخونون حكم الله من أجل الدنيا وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ أي من ذلك العرض الخسيس لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الله بالكف عما حرم وفعل ما أمر أَفَلا تَعْقِلُونَ أي فليس لهؤلاء الذين اعتاضوا بعرض الدنيا عما عندي عقل يردعهم عما هم فيه من السفه والتبذير
وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ أي يعتصمون به ويتعلقون به وَأَقامُوا الصَّلاةَ خص الصلاة مع أن التمسك بالكتاب يشتمل على كل عبادة لأهميتها إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ أي إنا لا نضيع أجرهم، ويحتمل أن يكون المعنى أن من أقام الصلاة ودعا إلى كتاب الله فإنه هو المصلح والله لا يضيع أجره.
[نقول]
١ - بمناسبة قوله تعالى وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ يقول صاحب الظلال: (لا شئ يثبت على الغير والأحداث وتقلبات الأحوال في هذا الخضم الهائج وفي هذه المعركة الكبرى إلا اليقين في الآخرة، وإنها خير للذين يتقون، ويعفون، ويترفعون، ويثبتون على الحق والخير في وجه الزعازع والأعاصير والفتن، ويمضون في الطريق لا يلتفتون ... مطمئنين واثقين ملء قلوبهم اليقين.
وهذه الدار الآخرة غيب من الغيب الذي يريد دعاة «الاشتراكية العلمية» أن يلغوه من قلوبنا ومن عقيدتنا ومن حياتنا ويحلوا محله تصورا كافرا جاهلا مطموسا يسمونه «العلمية».
ومن أجل هذه المحاولة البائسة تفسد الحياة وتفسد النفوس وينطلق السعار المجنون الذي لا يكبحه إلا ذلك اليقين ... ينطلق سعار الرشوة والفساد والطمع والطغيان.
وينتشر داء الإهمال وقلة المبالاة والخيانة في كل مجال ..