ذليل لديه، فقير إليه، ومن كان القوي العزيز ناصره فهو المنصور وعدوه هو المقهور،
ثم وصف من يستحقون نصره وهم في الوقت نفسه الذين ينصرونه الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ هذه سمات الجماعة الربانية وعلامات دولتها وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي مرجع الأمور إلى حكمه وتقديره، وفيه تأكيد لما وعده من إظهار أوليائه، وإعلاء كلمته، وبهذا انتهت المجموعة السادسة من المقطع الثاني.
[كلمة في السياق]
بهذه المجموعة استكمل السياق الرد على من ييأس من نصر الله، ولعله من المناسب أن نذكر بسياق المقطع كله: بدأ المقطع بتطهير النفوس من الريب في شأن اليوم الآخر، لأن الإيمان باليوم الآخر هو الطريق إلى التقوى، ثم عرض نموذجا من الناس يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، ثم عرض نموذجا آخر لمن يعبد الله على حرف، ثم عرض نموذجا آخر لمن ييأس من نصر الله؛ فيترك دين الله، وقد استغرق الرد التفصيلي ومعالجة النموذج الأخير معظم المقطع كما رأينا، فتم
بالمجموعة السادسة تقرير كيف ينصر الله عباده في الدنيا والآخرة، ولعلك لاحظت كيف أن النصر الرباني له شروطه، وكيف أن لأهل النصر مواصفاتهم الخاصة، والسياق وإن صب في سياقه الرئيسي في موضوع معالجة ثلاثة أمراض رئيسية في قضية العبادة والتقوى، إلا أنه تحدث عن أشياء كثيرة أخرى لها علاقة بالتقوى والتحرر مما يعارضها أو يناقضها، ولم يبق عندنا إلا المجموعة الأخيرة من المقطع الثاني سنعرضها بعد الفوائد:.
[الفوائد]
١ - في سبب نزول قوله تعالى أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا قال ابن كثير: (قال العوفي عن ابن عباس نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين أخرجوا من مكة، وقال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كابن عباس ومجاهد وعروة بن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم: هذه أول آية نزلت في الجهاد واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السورة مدنية، وقال ابن جرير .... عن ابن عباس قال: لما أخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن، قال ابن عباس فأنزل الله عزّ وجل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ