خلاف حالكم وما أرضى منكم بشيء ولا أفرح به إلا بالإيمان وترك المجوسية).
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ أي ائت بلقيس وقومها والخطاب للرسول، أو للهدهد محملا كتابا آخر إليهم فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أي لا طاقة لهم بها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أي من بلادهم سبإ أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ أي مهانون مدحورون. قال النسفي:(الذل: أن يذهب عنهم ما كانوا فيه من العز والملك. والصغار: أن يقعوا في أسر واستعباد) عندئذ قررت بلقيس الاستسلام.
[فوائد]
١ - يذكر المفسرون كلاما كثيرا حول الهدية ونوعها، واختبارات جعلتها فيها بلقيس، وقد ذكرها ابن كثير، ثم علق عليها بقوله:(وأكثره مأخوذ من الإسرائيليات. والظاهر أن سليمان عليه السلام لم ينظر إلى ما جاءوا به بالكلية ولا اعتنى به بل أعرض عنه).
٢ - إن رفض سليمان الهدية سببه- والله أعلم- أنها رشوة، وأنه أراد إعلامهم أنه ليس طالب دنيا، وإنما هو طالب نصرة دين.
٣ - نلاحظ أن سليمان قد ركز على نقطة الضعف التي أظهرتها بلقيس، وهي خوفها أن يجعل أعزة قومها أذلة. ومن ثم قال: وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ وكان في ذلك استسلامها، ومن ثم ندرك أهمية المعرفة الكاملة للخصم، وتأثير ذلك على إحراز النصر.
...
من السياق ندرك أن بلقيس استسلمت وسارت لتقديم الولاء وإعلان الاستسلام وقبل وصولها قال سليمان: قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ أي مستسلمين. قال النسفي: (أراد أن يريها بذلك بعض ما خصه الله تعالى به من إجراء العجائب على يده، مع اطلاعها على عظم قدرة الله تعالى، وعلى ما يشهد لنبوة سليمان، أو أراد أن يأخذه قبل أن تسلم لعلمه أنها إذا أسلمت لم يحل له أخذ مالها، وهذا بعيد عند أهل التحقيق، أو أراد أن يؤتى به فينكر ويغير ثم ينظر أتثبته أم تنكره اختبارا لعقلها.