يلاحظ أن أول آية في سورة يونس هي قوله تعالى الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ ثم يأتي قوله تعالى: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ وفي الآية (٣٨) نجد قوله تعالى أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. ألا ترى أن هذا يقابل قوله تعالى في سورة البقرة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ثم نجد قوله تعالى في سورة يونس الآية: ٥٧):
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ألا ترى أن هذا يقابل قوله تعالى في خاتمة الآية الأولى من سورة البقرة هُدىً لِلْمُتَّقِينَ وإذا نظرت إلى ما ختمت به سورة يونس وهي قوله تعالى:
فأنت ترى- ابتداء- أن محور سورة يونس هو قوله تعالى في سورة البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فإذا كانت سورة آل عمران قد فصلت مقدمة سورة البقرة كلها، فإن سورة يونس تفصل الآية الأولى من سورة البقرة، ويكون مجئ الر في السور الأولى من هذه المجموعة فيه إشارة إلى نوع جديد من التفصيل، فالسورة إذا تقرر كيف أن هذا القرآن لا ريب فيه، وتناقش المرتابين الذين هم أحد اثنين: إما مستغربون أن ينزل الله وحيا، أو متهمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذب. وترد على هؤلاء وهؤلاء، ولكن لا بطريقة البشر في الرد، إنها ترد بأسلوب هو وحده كاف ليدل على أن الريب في غير محله، ثم تقرر السورة كيف أن القرآن هدى، ثم تختم السورة بالتذكير والتلخيص لمضمونها كله.
فالسورة تتألف من مقدمة هي آية واحدة تشعر بموضوع السورة كله، ثم يأتي جسم السورة وهو يتألف من ثلاثة أقسام ينتظمها محور السورة العام.
*** إنه ليس من المصادفة أن تكون سورة يونس على مثل هذا الترابط مع أول آية من سورة البقرة لولا أن ما اتجهنا إليه في الربط بين سور القرآن كان صحيحا:
إن أول سورة البقرة هو: الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ تأمل هذه