يبعثه». وهذا إسناد عظيم ومتن قويم. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في رياض الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل ملعقة بالعرش» الحديث، وروى الإمام أحمد عن عطاء بن السائب قال:
كان أول يوم عرفت فيه عبد الرحمن بن أبي ليلى رأيت شيخا أبيض الرأس واللحية على حمار، وهو يتبع جنازة فسمعته يقول: حدثني فلان بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» قال:
فأكب القوم يبكون فقال: ما يبكيكم؟ فقالوا: إنا نكره الموت، قال ليس ذاك ولكنه إذا احتضر فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله عزّ وجل والله عزّ وجل للقائه أحب وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ فإذا بشر بذلك كره لقاء الله، والله تعالى للقائه أكره، هكذا رواه الإمام أحمد، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها شاهد لمعناه).
١٧ - بمناسبة قوله تعالى: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ... قال ابن كثير: (وقوله تعالى: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أي: وأما إن كان المحتضر من أصحاب اليمين فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أي:
تبشرهم الملائكة بذلك تقول لأحدهم: سلام لك أي: لا بأس عليك أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين. وقال قتادة وابن زيد: سلم من عذاب الله وسلمت عليه ملائكة الله، كما قال عكرمة تسلم عليه الملائكة وتخبره أنه من أصحاب اليمين، وهذا معنى حسن، ويكون ذلك كقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما
تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ
وقال البخاري فَسَلامٌ لَكَ أي:
مسلم لك أنك من أصحاب اليمين، وقد يكون كالدعاء له كقولك: سقيا لك من الرجال إن رفعت السلام فهو من الدعاء وقد حكاه ابن جرير هكذا عن بعض أهل العربية ومال إليه والله أعلم. وقوله تعالى: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ أي: وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق، الضالين عن الهدى فَنُزُلٌ أي: فضيافة مِنْ حَمِيمٍ وهو المذاب الذي يصهر به