فهكذا فاصنعوا». فهذه ثلاثة أحوال. وأما أحوال الصيام: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام. وصام عاشوراء. ثم إن الله فرض عليه الصيام، وأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ إلى قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ. فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه. ثم إن الله عزّ وجل أنزل الآية الأخرى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ إلى قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ. فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر. وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام. فهذان حالان.
قال: وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا. فإذا ناموا امتنعوا. ثم إن رجلا من الأنصار يقال له: صرمة. كان يعمل صائما حتى أمسى، فجاء أهله فصلى العشاء ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح. فأصبح فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهدا شديدا. فقال:«ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا؟ قال: يا رسول الله. إني عملت أمس، فجئت حين جئت، فألقيت نفسي فنمت، فأصبحت حين أصبحت صائما. قال: وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك. فأنزل الله عزّ وجل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ إلى قوله: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ.
٢ - أخرج البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
٣ - أخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال:«لما نزلت هذه الآية: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ:
عمدت إلى عقالين. أحدهما أسود، والآخر أبيض. قال: فجعلتهما تحت وسادتي قال: فجعلت انظر إليهما. فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت. فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت. فقال: إن وسادك إذا لعريض.
إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل».
وجاء في بعض الألفاظ في بعض الروايات:«إنك لعريض القفا». ففسره بعضهم بالبلادة. وهذا تفسير غير مقبول. وإنما معناه كما ورد في بعض الروايات: «إن