للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليوسف كيف يأخذ أخاه. فيختلف أحد أبناء يعقوب- صاحب الشخصية الخاصة فيهم- متوافيا مع سماته التي صاحبت مواقفه كلها في القصة. مشفقا أن يقابل أباه بعد الموثق الذي آتاه إياه، إلا أن يأذن له أبوه أو يحكم له الله.

وفي آخر مواقف المحنة الطويلة للشيخ المبتلى نجد ذات الملامح وذات الواقعية وهو يشم ريح يوسف في قميصه، ويواجه غيظ بنيه وتبكيتهم فلا يشك في صدق ظنه بربه

................ .........

إنها الشخصية الموحدة الخصائص والملامح، الواقعية المشاعر والتصرفات، الممثلة لكل واقعية ذاتها وظروفها وبيئتها بلا تزوير ولا نقص ولا تحريف.

................ .......

والواقعية الصادقة الأمينة النظيفة السليمة في الوقت نفسه، لا تقف عند واقعية الشخصيات الإنسانية التي تحفل بها القصة في هذا المجال الواسع، فى هذا المستوى الرائع. ولكنها تتجلى كذلك في واقعية الأحداث والسرد والعرض وصدقها وطبيعتها في مكانها وزمانها، وفي بيئتها وملابساتها. فكل حركة وكل خالجة وكل كلمة تجئ في أوانها؛ وتجئ في الصورة المتوقعة لها. وتجئ في مكانها من مسرح العرض. متراوحة بين منطقة الظل ومنطقة الضوء بحسب أهميتها ودورها وطبيعة جريان الحياة بها .. الأمر الملحوظ في الشخصيات أيضا كما قررنا من قبل هذا ..

حتى لحظات الجنس في القصة ومواقفه أخذت مساحتها كاملة- في حدود المنهج النظيف اللائق «بالإنسان» - في غير تزوير ولا نقص ولا تحريف للواقعية البشرية في شمولها وصدقها وتكاملها- ولكن استيفاء تلك اللحظات لمساحتها المتناسقة مع بقية الأحداث والمواقف- لم يكن معناه الوقوف أمامها كما لو كانت هي كل واقعية الكائن البشري؛ وكما لو كانت هي محور حياته كلها، وهي كل أهداف حياته التي تستغرقها.

كما تحاول الجاهلية أن تفهمنا أن هذا وحده هو الفن الصادق.

إن الجاهلية إنما تمسح الكائن البشري باسم الصدق الفني. وهي تقف أمام لحظة الجنس كما لو كانت هي كل وجهة الحياة البشرية بجملتها، فتنشئ منها مستنقعا واسعا عميقا، مزينا في الوقت ذاته بالأزهار الشيطانية.

وهي لا تفعل هذا لأن هذا هو الواقع، ولا لأنها هي مخلصة في تصوير هذا.

الواقع. إنما تفعله لأن «بروتوكولات صهيون» تريد هذا تريد تجريد «الإنسان» إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>