للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجد يوسف وهو يواجه- للمرة الأولى- إخوته بعد ما فعلوا به تلك الفعلة القديمة؛ وهو في الموقف الأعلى- بالقياس إليهم- والأقوى .. ولكننا نجد سمة الضبط واضحة في انفعالاته وتصرفاته.

ونجده وهو يدبر- بتدبير الله له- كيف يأخذ أخاه. فنلمح الشخصية الناضجة الواعية الحكيمة المطمئنة، الضابطة الصابرة.

ثم نلتقي به وقد استوفت المحنة بيعقوب أجلها، وقدر الله أن تنقضي الابتلاءات التي نزلت به وببنيه، وحن يوسف إلى أبويه وأهله، ورق لإخوته والضر باد بهم، فكشف لهم عن نفسه في عتاب رقيق، وفي عفو كريم، يجئ في أوانه، وكل الملابسات توحي به، وتتوقعه من هذه الشخصية بسماتها تلك.

................ ........

وفي النهاية يجئ ذلك الموقف الجليل الرائع .... موقف اللقاء الجامع ويوسف في أوج سلطانه، وأوج تأويل رؤياه وتحقق أحلامه .. وإذا به ينسلخ من هذا كله وينتحي جانبا ينفرد بربه، ويناجيه خالصا له، وذلك كله مطروح وراءه: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ. فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ إنها شخصية موحدة متكاملة، بكل واقعيتها الممثلة لمقوماتها الواقعية في نشأتها وبيئتها.

................ ........

ويعقوب .. الوالد المحب الملهوف، والنبي المطمئن الموصول، وهو يواجه بالاستبشار والخوف معا تلك الرؤيا الواعدة التي رآها يوسف، وهو يرى فيها بشائر مستقبل مرموق، بينما هو يتوجس خيفة من الشيطان وفعله في نفوس بنيه. فتتجلى شخصيته بواقعيتها الكاملة في كل جوانبها.

... ثم نجد هذه الشخصية كذلك بكل واقعيتها البشرية النبوية، وبنوه يراودونه عن يوسف ثم وهم يفاجئونه بالفجيعة.

.... ثم نلتقي بهذه الشخصية- بكل واقعيتها تلك- وبنوه يراودونه مرة أخرى على السلوة الباقية له .. أخي يوسف .. وقد طلبه منهم عزيز مصر- يوسف- الذي لا يعرفونه في مقابل أن يعطيهم كيلا يقتاتون به في السنوات العجاف.

.... ثم نلتقي به في فجيعته الثانية، والدا ملهوفا ونبيا موصولا .. ذلك بعد أن دبر الله

<<  <  ج: ص:  >  >>