١ - في الصحيحين أن سعدا قال يا رسول الله:«إن لي مالا، ولا يرثني إلا ابنة لي. أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: لا. قال: فبالشطر؟. قال لا. قال: فالثلث؟.
قال: الثلث. والثلث كثير، إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس». وفي صحيح البخاري أن ابن عباس قال: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«الثلث. والثلث كثير».
٢ - في الصحيحين عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم له شئ يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». قال ابن عمر: ما
مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي.
٣ - في مسند عبد بن حميد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: «يا ابن آدم. ثنتان لم يكن لك واحدة منهما: جعلت لك نصيبا في مالك حين أخذت بكظمك به، وأزكيك. وصلاة عبادي عليك بعد انقضاء أجلك».
أي إن الله من علينا بما شرع لنا من الوصية التي تنفعنا بعد موتنا كما من علينا بقبوله دعوات المؤمنين لأمواتهم.
فإذا اتضح هذا، صار معنى الآية على هذا الاتجاه:
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ: أي يستحب لكم أن توصوا لمن لا يرث من الأقربين بشيء من أموالكم في حدود الثلث. أما الوارثون، فإرثهم- ضمن ما حدد الله في سورة النساء- واجب. بِالْمَعْرُوفِ: أي في حدود الثلث بعد ما نزلت آية المواريث. حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ: من الأوصياء والشهود. فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ: فما إثم التبديل إلا على مبدله. والأجر كامل للموصي. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً. بأن زاد على الثلث في الوصية، أو أوصى لوارث خطأ أو عمدا. فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ بإجراء الأمور على طريق الشرع. فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
هذا شرح لهذه الفقرة كما رأينا على كل الاتجاهات الرئيسية لفهمها ومنه نعلم أنه لا يترتب على الخلاف في فهمها كبير أمر فالإجماع منعقد على ألا وصية لوارث والإجماع منعقد على استحباب الوصية.