للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحق؛ وذلك ممّا عندهم من البشارات في كتبهم، ثمّ ينهى الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يكون من الشاكّين، ولم يشكّ عليه الصلاة والسلام وإنما هو الرب يأمر وينهى، والأمر لرسوله صلّى الله عليه وسلّم أمر لأمّته.

- ثمّ بيّن- عزّ وجل- أنه قد جعل كتابه كاملا وتاما، صادقا فيما قال وفيما أخبر، عدلا فيما حكم وفيما أمر، فكلّ ما أخبر به فحقّ لا مرية فيه ولا شكّ، وكلّ ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكلّ ما نهى عنه فهو الباطل، فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة، وليس لأحد أن يعقّب على حكمه، أو ينقضه، أو يبدّله، أو يغيّره، وأنّ الله هو السميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وسكناتهم، الذي يجازي كل عامل بعمله.

وبعد أن أمر الله- عزّ وجل- رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يعلن أنه لا يرضى غير الله حكما بيّن له في هذا المقام أنّ أكثر أهل الأرض على ضلال، وأنّهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم، وإنّما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل، وأنّ الله وحده هو الأعلم بمن يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين، ولذلك فلا تبتغ غيره حكما لأنّ أكثرية أهل الأرض إن اتّبعتها تضلّك، فما أعظم هذا البيان في هذا المقام إذ كثير من الناس تغره الأكثرية وتضلّه، أما المسلم فالله هو وحده مصدر الهداية والإضلال عنده، ومنه تتلقى الهداية. ولو خالف الخلق كلهم أمره فإنهم ضالون.

وفي هذا السياق- سياق أن الحكم لله وحده وأنّه لا طاعة للخلق في معصية الله- يقرّر الله- عزّ وجل- إباحة الذبائح إن ذكر عليها اسم الله، وحرمتها إذا لم يذكر عليها اسم الله، مع حوار مع المشركين في هذا المقام، وكل ذلك منسجم مع سياق ما قبله وما بعده.

فلنر المعاني ثمّ لنر الارتباط:

يأمر الله- عزّ وجلّ- عباده المؤمنين- أمر إباحة- أن يأكلوا من الذّبائح ما ذكر عليه اسمه، ومفهومه أنّه لا يباح ما لم يذكر اسم الله عليه مما يستبيحه الكفار قديما وحديثا من أكل أنواع الميتات، أو ما له حكمها، ثمّ ندب إلى الأكل مما ذكر اسم الله عليه، مبيّنا لهم أنّه لا داعي إلى التحرّج في ذلك بعد أن بين لنا ما حرّم علينا، ثمّ بيّن تعالى جهالة المشركين في آرائهم الفاسدة من استحلالهم: الميتات، وما ذكر عليه غير

<<  <  ج: ص:  >  >>