١ - ذكرنا أن محور سورة المؤمنون وهو الآيات الخمس من سورة البقرة المبدوءة بقوله تعالى وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...... والآتية في حيز قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وكما أن الآيات الخمس في سورة البقرة تخدم هذا الأمر، فإننا نلاحظ أن السورة التي تفصل هذه الآيات الخمس تخدم هذا الأمر، ومن ثم نلاحظ في المجموعة التي بين أيدينا مجيء قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ* فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ وكما أننا فهمنا من الآيات الخمس الآتية في حيز هذا الأمر في سورة البقرة: أنه وجد كفر وكافرون، وفساد ومفسدون، فإن سياق المجموعة دلنا على أنه وجد كفر وكافرون في كل زمان ومكان كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ .... وإذن فكما أن للآيات الخمس في سورة البقرة صلة في الأمر يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ..... فلهذه المجموعة ولسورة المؤمنين كلها صلة بهذا الحيز.
٢ - الآية الأولى من الآيات الخمس هي وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ..... هذه الآية خدمتها هذه المجموعة، من حيث عرضت لنا نموذجا للمؤمنين الكاملين، المتمثلين بالرسل عليهم الصلاة والصلام والسلام، بدليل أنها ذكرت بعد ما ذكرت الرسل يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ* فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً .... إن تقرير وحدة الرسالات والإنكار على من فرق أمر الرسل، وذكر اشتراك الرسل بالإيمان والعمل الصالح، وفي فعل الله للرسل وبهم من نصر وهداية ورعاية كل ذلك نمط من التبشير لأهل الإيمان.
٣ - نهاية الآية الثانية من الآيات الخمس والآية الثالثة منها وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وفي ذكر ما فعل الأقوام برسلهم وما قالوه، وما حل بهم، نماذج على هذه الأخلاق، ونماذج على الخسارة، وفي ذكر إيتاء موسى الكتاب لعلهم يهتدون، نموذج على سنة الله في إنزاله الكتب.
٤ - الآية الرابعة من الآيات الخمس في سورة البقرة هي قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ .... وفي هذه الآية تدليل على الإيمان، وإنكار