للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ .. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ..

وفي أيمانهم كانوا يقولون: والله، وتالله. وفي دعائهم كانوا يقولون: اللهم ..

الخ ..

وكانوا يعتقدون أنهم على دين إبراهيم، وأنهم أهدى من أهل الكتاب، الذين كانوا يعيشون معهم في الجزيرة العربية، لأن اليهود كانوا يقولون: عزير ابن الله. والنصارى كانوا يقولون: عيسى ابن الله. بينما هم كانوا يعبدون الملائكة والجن على اعتبار قرابتهم من الله- بزعمهم- فكانوا يعدون أنفسهم أهدى؛ لأن نسبة الملائكة إلى الله ونسبة الجن كذلك أقرب من نسبة عزير وعيسى .. وكله شرك. وليس في الشرك خيار، ولكنهم هم كانوا يحسبون أنفسهم أهدى وأقوم طريقا!.

فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم يقول: إن دينه هو دين إبراهيم- عليه السلام- قالوا:

نحن على دين إبراهيم فما حاجتنا إذن إلى ترك ما نحن عليه واتباع محمد؟! وفي الوقت ذاته راحوا يحاولون مع الرسول صلى الله عليه وسلم خطة وسطا بينهم وبينه؛ وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه! وأن يسكت عن عيب آلهتهم وعبادتهم، وله فيهم وعليهم ما يشترط!

ولعل اختلاط تصوراتهم، واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه، لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة، يمكن التفاهم عليها، بقسمة البلد بلدين،

والالتقاء في منتصف الطريق، مع بعض الترضيات الشخصية!

ولحسم هذه الشبهة، وقطع الطريق على المحاولة، والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة، ومنهج ومنهج، وتصور وتصور، وطريق وطريق .. نزلت هذه السورة، بهذا الجزم، وبهذا التوكيد، وبهذا التكرار، لتنهي كل قول، وتقطع كل مساومة، وتفرق نهائيا بين التوحيد والشرك، وتقيم المعالم واضحة، لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير).

وقدم ابن كثير للكلام عن سورة الكافرون بقوله: (هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرة بالإخلاص فيه فقوله: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ يشمل كل كافر على وجه الأرض، ولكن المواجهون بهذا الخطاب هم

<<  <  ج: ص:  >  >>