للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - بالتخلق بمجموعة الأمور التي يستأهلون بها النصر في القتال.

٢ - ببذل منتهى الجهد للوصول لأقصى درجات الإعداد المادي.

٣ - بجواز المصالحة والمهادنة في بعض الحالات مع الضربة الساحقة إذا حدث غدر، وإلغاء المعاهدات إذا خيف الغدر.

وفي الفقرة تفصيلات كثيرة، ويحتاج فهمها إلى أشياء كثيرة، وتطبيقها على الواقع أمر مهم، ولعلنا نوفق إلى ذكر كل ما ينبغي في هذه الشئون، وبعد الفقرة التي بدأت بالنداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تأتي فقرة مبدوءة بصيغة يا أَيُّهَا النَّبِيُّ وفيها ثلاث نداءات بهذه الصيغة، وكأنها تحدثنا عن أدب القيادة في إقامة فريضة القتال.

تبدأ الفقرة بإخبار الله نبيه والمؤمنين أنه حسبهم أي: كافيهم وناصرهم ومؤيدهم على عدوهم وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم، ولو قل عدد المؤمنين. ثم يأمر الله عزّ وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحرض المؤمنين على القتال بأن يحثهم عليه، ويعدهم الله أن يغلب العشرة منهم على المائة، والمائة على الألف من الكافرين، إن صبروا؛ لأن الكافرين لا قلوب لهم، وإذ كان الوعد من الله فيه معنى التنجيز فقد فهم المسلمون من هذا الوعد الأمر بحرمة الفرار إذا كان الواحد يقابل عشرة، والعشرة تقابل مائة، ومن ثم فإن الله خفف الفرضية عنهم، فأجاز للواحد أن يفر من الثلاثة، وللعدد أن يفر إذا قابل أكثر من ضعفيه، وذكرهم بأن الله مع الصابرين.

فالبشارة والوعد بغلبة القليل للكثير قائمة، والفريضة على ما ذكرنا. ثم بين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن سنته أن لا يكون أسر حتى يتم الإثخان لأنبيائه في الأرض. وقد عرض الله هذه السنة في معرض العتب على المؤمنين يوم بدر، إذ قبلوا فداء الأسرى مع إعلامه بعفوه عن فعلهم، وإباحته لهم ما أخذوه من الفداء. وإذ أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم الفداء يوم بدر، فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للأسرى الذين دفعوا الفداء، بأن الله سيعوض عليهم- إن كان في قلوبهم خير- أكثر مما دفعوه فداء، ووعدهم كذلك بالمغفرة، ثم هددهم إن كان في قلوبهم نية سوء وإرادة خيانة بالتمكين منهم كما مكن من قبل. فالمقطع إذن فيه تهييج للمؤمنين على القتال في كل حال. وفيه مطالبة لهم بالتوكل، وبشارة لهم بالنصر، وإن قل العدد، وتحريض لهم على الإثخان في الأرض، دون النظر إلى المصالح المادية، وفي حالة الأسر وأخذ الفداء فقد علمنا الله ما نقوله للأسير في هذا المقام، وهذا يشعرنا أن علينا أن نبذل جهدا مع الأسرى لإدخالهم في الإسلام، أو لتخويفهم عن أن يقفوا موقفا ضدنا مرة

<<  <  ج: ص:  >  >>