للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما أن بين السورتين تشابها كثيرا، واتصالا كبيرا، فبينهما تكامل واضح، فيوم الفصل الذي بدأت الحديث عنه سورة المرسلات أكملت الحديث عنه سورة النبأ، والكلام عن المكذبين الذي تحدثت عنه سورة المرسلات تحدثت سورة النبأ عن مظاهر منه، والكلام عن عذاب الكافرين وثواب المتقين- الذي رأينا طرفا عنه في سورة المرسلات- رأينا طرفا آخر عنه في سورة النبأ، هذا مع أن لكل سورة محورها وسياقها وجرسها وأسلوبها وطريقة عرضها ونوع خطابها، ومع هذا كله فإنه في كل من السورتين يظهر لنا كيف أن كل سورة قرآنية تعطينا جديدا، ولكنها تعرضه ضمن معان قد تكون تكررت من قبل كثيرا أو قليلا، ولكن الجديد الكثير يبقى كثيرا، وذلك من حكمة الله عزّ وجل في هذا القرآن إذ يرفع النفس البشرية في كل سورة إلى مقام جديد، إن في التصورات، أو في السلوك بالشكل الذي يحيط بجوانب النفس البشرية، وذلك كذلك من حكمة هذا القرآن إذ يذكر النفس البشرية بالقضايا التي تنساها كثيرا أو تغفل عنها كثيرا يذكرها بها كثيرا، ولكن في كل مرة بشكل جديد، حتى لا تمل هذه النفس، ومن الجديد في السورتين القرار المكين للنطفة، والشرر كالقصر، ووتدية الجبال، وازدياد العذاب باطراد على أهل النار، وبقاؤهم في نوع معين من العذاب أحقابا لينتقلوا إلى نوع آخر، وغير ذلك كثير لمن دقق، ولننتقل إلى المجموعة التاسعة من قسم المفصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>