للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاسرين، دو دلالة على السياق القرآني العام سنذكرها في نهاية الحديث عن المقطع إن شاء الله.

ثم أمر الله- عزّ وجل- المؤمنين بالوضوء للصلاة في حالة الجنابة، وبالتيمم بدلا عن الطهارة بالماء في بعض الأحوال. ووصف الوضوء ووصف التيمم والحالات التي تبيح التيمم. وبين الحكمة في هذا التيسير وهو استخراج الشّكر والتحقّق به.

ثمّ ذكّر الله- عزّ وجل- عباده المؤمنين بنعمته عليهم في شرعه لهم هذا الدين العظيم، وإرساله إليهم هذا الرسول الكريم، وما أخذ عليهم من العهد والميثاق، في مبايعته على متابعته ومناصرته ومؤازرته، والقيام بدينه وإبلاغه عنه وقبوله منه. ذكّرهم أن يتذكروا الميثاق الذي أعطوه عند ما قالوا سمعنا وأطعنا. ثم أمرهم بالمواظبة على التقوى في كل حال، ثم أعلمهم أنه يعلم ما يختلج في الضمائر من الأسرار والخواطر. ثم أمر الله- عزّ وجل- المؤمنين أن يكونوا قوّامين بالحق لله- عزّ وجل- لا لأجل الناس والسمعة، وأن يكونوا شهداء بالعدل لا بالجور. ثم نهاهم أن يحملهم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل أمرهم أن يكونوا عادلين مع كلّ أحد، صديقا كان أو عدوا، مبينا أنّ فعل العدل أقرب إلى التقوى من تركه، آمرا إيّاهم بالتقوى، معلّما إيّاهم أنّه عليم بالظّواهر والخفيّات، ليعلموا أنه سيجزيهم على ما علم من أفعالهم التي عملوها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، ثم وعد المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالمغفرة لذنوبهم، والجنّة التي هي من مظاهر رحمته، والتي لا ينالونها بأعمالهم بل برحمة منه وفضل، وإن كان سبب وصول الرحمة إليهم أعمالهم التي شاء الله أن تكون أسبابا إلى نيل رحمته وفضله وعفوه ورضوانه. فالكل منه، وكما وعد المؤمنين بالمغفرة والجنة، فقد توعّد الكافرين بالنار. ثم ذكّر الله- عزّ وجل- المؤمنين بنعمة من نعمه أحسّها الجيل الأوّل ويكرّرها الله في كل حين، وهي كفّ أيدي من يهمّ أن يوقع بالمؤمنين، ثمّ كرّر الأمر لهم بالتقوى وأمرهم بالتوكل عليه بهذه المناسبة، ليفهمهم أنّ من توكّل على الله كفاه الله ما أهمّه، وحفظه من شرّ النّاس وعصمه. ولو أننا تأمّلنا في معاني المقطع لوجدناها نماذج على أنواع مما أخذه الله علينا من مواثيق، في العبادة، والسلوك، والقضايا القلبية، والقضايا الحياتية، فإذا ما تذكرنا أنّ سورة

المائدة تقابل قوله تعالى في سورة البقرة الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>