للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شك فيه، وكيف يكون شك وأصدق الصادقين الله هو الذي حدثنا عنه!!!

فما صلة هذه المعاني بالسياق؟ إن الصلة بين هذه المواضيع والقتال واضحة، فالقتال يترتب عليه أسر للمسلمين، أو سجن لهم، أو اضطهاد لهم، وفي هذه الحالات قد يشفع ناس بالخير، وقد يحرض ناس على المسلمين- المبتلين- بشر، ومن ثم جاءت الآية في هذا السياق للندب إلى الشفاعة بخير. وفي عملية القتال، قد تظهر بادرة أخلاقية عند الكافرين فعلينا أن نقابلها بمثلها، أو أحسن منها، أو قد تظهر رغبة في السلام من أعداء الله، فعلينا أن نقابل هذه المبادرة بمثلها، مع ملاحظة شروط السلام كما هي في الإسلام، لا كما هي في اصطلاحات العالم كما سنرى ذلك، والتذكير بالله واليوم الآخر في هذا السياق واضح الصلة، فلا قتال في سبيل الله إذا لم يرافق ذلك إيمان بالله واليوم الآخر. وبعد الآيات الثلاث يعود السياق إلى الموضوع الرئيسي. فالقتال يقتضي صفا موحدا، وموقفا موحدا، ومن ثم تأتي الآيات في السياق تنكر على المؤمنين انقسامهم في أمر المنافقين إلى قسمين: قسم يريد قتلهم، وقسم يرى مسالمتهم بعد أن أظهر الله ضلالهم، من خلال مواقفهم، بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول صلى الله عليه وسلم. واتباعهم الباطل، ورغبتهم في تكفير المسلمين. فكيف يصح أن يكون منهم موقف لين؟ وإذا كان سبب الموقف اللين هو الرغبة في هدايتهم، فهذا في غير محله بعد أن تبين أن الله يريد إضلالهم، وإذ تتحدد هذه المعاني، فلا مجال بعد ذلك لأن ينقسم المسلمون في أمرهم قسمين، بل ينبغي أن يكون الموقف واحدا، وهو ترك توليهم، ثم قتلهم حيث كانوا- وهذا متوقف على شرط، وعدم اتخاذ ولي منهم أو نصير. ثم استثنى الله- عزّ وجل- من الأمر بالقتل والقتال، ناسا لجئوا وتحيزوا إلى قوم بيننا وبينهم مهادنة، أو عقد ذمة، فعندئذ يأخذون حكمهم، كما استثنى ناسا رغبوا في مهادنة المسلمين، وقلوبهم لا ترغب في قتال المسلمين، ولا في قتال قومهم مع المسلمين، فدخلوا مع المسلمين في عهد أن يكونوا على الحياد، وقبل المسلمون منهم ذلك، فإن الله- عزّ وجل- أجاز لنا عدم قتلهم وقتالهم، وذلك من لطفه تعالى بنا، إذ أعطانا بهذا فرصة كيلا يقاتلنا الناس جميعا، أو نضطر لقتال الناس جميعا. ومن ثم أمرنا الله ألا نقاتل هؤلاء ما داموا مسالمين، ملتزمين بما التزموا به. وهذه الآيات والتي بعدها مباشرة قد لا تفهم فهما جيدا إلا بعد استعراض المعنى الحرفي. وذلك أن الكلام عن المنافقين مختلط بالكلام عن الكافرين في موضوع الأمر بالقتل والقتال، وما يستثنى من ذلك، وما لا يستثنى. وتطبيقات ذلك على عصرنا، كل ذلك نرجو أن يتضح أثناء

<<  <  ج: ص:  >  >>