غباره». ومن أبواب الربا: ربا الفضل. ومن أبوابه ربا النساء. ومن أبوابه بيع العينة.
ومن أبوابه ما كان ظاهره بيعا، وحقيقته ربا. فالعبرة في العقود للمعاني لا للألفاظ والمباني. ومن أبوابه المخابرة. وهي المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض. والمزابنة. وهي:
اشتراء الرطب في رءوس النخل، بالتمر على وجه الأرض. والمحاقلة وهي: اشتراء الحب في سنبله في الحقل، بالحب على وجه الأرض.
وأدخل الحنفية في الربا، كل ما كان من أنواع البيوع الفاسدة.
وأما البيع، فإنه معاوضة مال بمال. وله أنواع كثيرة. والفارق بينه، وبين الربا، واضح. فالربا أعلى مظاهر الاستغلال والجشع. والبيع ضرورة، لا بد منها للحياة الاقتصادية ولنضرب مثالين، لنرى نتائج الربا الخبيثة. والحكمة في تحريمه.
المثال الأول: يستقرض المزارع بالربا، ليشتري بذرا، يبذره في أرضه البعل وقد يأتي ذلك العام، عام جدب. فيخسر البذر، ويخسر ثمنه، ويجب عليه وفاء الدين
والربا.
ولما كان لا يستطيع أن يدفع شيئا، فإن عليه أن يؤجل الدين مع ربا العام القادم. وعليه أن يستقرض للبذار من جديد، بربا كذلك. فإذا ما جاء عام جدب آخر تضاعف عليه، ربا السنة الأولى ثلاث مرات. وربا السنة الثانية مرتين، وعليه أن يستقرض بربا من أجل أن يبذر للسنة الثالثة. ويستغل المرابون احتياجه، فيرفعون سعر الربا فإلى أي حد- لو جاء موسم جيد- يستطيع أن يفي بما استقرض، وبرباه، وبنفقات عياله. إن ثمرات جهده، خلال السنين تذهب إلى صندوق المرابي دون مقابل من جهد شخصي، ودون أن يتحمل رأس المال في مقابل ربحه، أي شيء من الخسارة.
والمثال الثاني: نفرض أن مرابيا واحدا كان موجودا ببلد، واحتاج الناس أن يستقرضوا من هذا المرابي بالربا. ولنفرض أنه يملك عشرين مليونا. وأقرض بالربا بأرخص الأسعار.
وليكن بخمسة بالمائة. فإذا ما أقرض العشرين مليونا، فإن العشرين تصبح خلال سنة واحدا وعشرين مليونا، وفي سنة ثانية، وثالثة .. وكل ذلك وهو جالس. ورأس المال مضمون الربح. ولا يتحمل أي خسارة. والجميع يجهدون. فإذا استمر الأمر. فلا بد أن يأتي يوم، تصبح فيه كل رءوس الأموال في البلد في صندوق المرابي، والجميع مدينون له.