أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا: فهم لا يدركون- أو لا يريدون أن يدركوا- أن الصلاة هي من مقتضيات العقيدة، ومن صور العبودية والدينونة. وأن العقيدة لا تقوم بغير توحيد الله، ونبذ ما يعبدونه من دونه هم وآباؤهم. كما أنها لا تقوم إلا بتنفيذ شرائع الله في التجارة وفي تداول الأموال وفي كل شأن من شئون الحياة والتعامل. فهي لحمة واحدة لا يفترق فيها الاعتقاد عن الصلاة عن شرائع الحياة وعن أوضاع الحياة.
وقبل أن نمضي طويلا في تسفيه هذا التصور السقيم لارتباط الشعائر بالعقيدة.
وارتباطهما معا بالمعاملات .. قبل أن نمضي طويلا في تسفيه هذا التصور من أهل مدين قبل ألوف السنين، يحسن أن نذكر أن الناس اليوم لا يفترقون في تصورهم ولا في إنكارهم لمثل هذه الدعوة عن قوم شعيب. وأن الجاهلية التي نعيش فيها اليوم ليست أفضل ولا أذكى ولا أكثر إدراكا من الجاهلية الأولي. وأن الشرك الذي كان يزاوله قوم شعيب هو ذاته الشرك الذي تزاوله اليوم البشرية بجملتها- فكلهم يفصل بين العقيدة والشعائر. والشريعة والتعامل. فيجعل العقيدة والشعائر لله ووفق أمره، ويجعل الشريعة والتعامل لغير الله، ووفق أمر غيره .. وهذا هو الشرك في حقيقته وأصله.
وإن كان لا يفوتنا أن اليهود وحدهم اليوم هم الذين يتمسكون بأن تكون أوضاعهم ومعاملاتهم وفق ما يزعمونه عقيدتهم وشريعتهم- وذلك بغض النظر عما في هذه العقيدة من انحراف وما في هذه الشريعة من تحريف- فلقد قامت أزمة في «الكنيست» مجلس تشريعهم في إسرائيل بسبب أن باخرة إسرائيلية تقدم لركابها- من غير اليهود- أطعمة غير شرعية. وأرغمت الشركة والسفينة على تقديم الطعام الشرعي وحده- مهما تعرضت للخسارة- فأين من يدعون أنفسهم «مسلمين» من هذا الاستمساك بالدين.
إن بيننا اليوم ممن يقولون:- إنهم مسلمون- من يستنكر وجود صلة بين العقيدة والأخلاق. وبخاصة المعاملات المادية.
وحاصلون على الشهادات العليا من جامعاتنا وجامعات العالم، يتساءلون أولا في استنكار: وما للإسلام وسلوكنا الشخصي؟ .. ما للإسلام والعري فى الشواطئ؟ ما للإسلام وزي المرأة في الطريق؟ ما للإسلام وتصريف الطاقة الجنسية بأي سبيل؟ ما