يحيى العبسي عن حذيفة رضي الله عنه نحوه ذلك أيضا وقد أخرجه الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عبد العزيز بن أخي حذيفة قال: ذكر حذيفة رضي الله عنه مشاهدهم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال جلساؤه: أما والله لو شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا. فقال حذيفة:
لا تمنوا ذلك لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعودا وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا في صوت ريحها أمثال الصواعق، وهي ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلّى الله عليه وسلم ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له؛ ويأذن لهم فيتسللون ونحن ثلاثمائة أو نحو ذلك إذ استقبلنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم رجلا رجلا، حتى أتى عليّ وما عليّ جنّة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي، قال فأتاني صلّى الله عليه وسلم وأنا جاث على ركبتي فقال:
«من هذا؟» فقلت حذيفة قال: «حذيفة» فتقاصرت الأرض، فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم فقمت فقال: «إنه كائن في القوم خبر فائتني بخبر القوم» قال: وأنا من أشد الناس فزعا، وأشدهم قرّا، قال: فخرجت فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته» قال: فو الله ما خلق الله تعالى فزعا ولا قرّا في جوفي إلا خرج من جوفي؛ فما أجد فيه شيئا، قال: فلما وليت قال صلّى الله عليه وسلم: «يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني» قال: فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد، فإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار ويمسح خاصرته، ويقول الرحيل الرحيل، ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهما من كنانتي أبيض الريش فأضعه في كبد قوسي لأرميه به في ضوء النار، فذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم لا تحدثن فيهم شيئا حتى تأتيني، قال فأمسكت ورددت سهمي إلى كنانتي، ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت العسكر فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون: يا آل عامر الرحيل الرحيل، لا مقام لكم. وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبرا، فو الله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم، الريح تضربهم بها، ثم خرجت نحو النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم فلما انتصفت في الطريق- أو نحوا من ذلك- إذا أنا بنحو من عشرين فارسا أو نحو ذلك معتمين فقال: أخبر صاحبك أن الله تعالى كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو مشتمل في شملة يصلي، فو الله ما عدا أن رجعت راجعني القرّ وجعلت أقرقف فأومأ إليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم بيده وهو يصلي،