٢ - للآية التي مرت معنا أخيرا صلة بالآية الأولى من الفقرة الثانية، فهذه الآية بينت أن الحكمة في إنزال الكتب إقامة العدل بين الناس، ومن ثم فإن على الأمة أن تخشع لكتاب الله، ولا تقسو قلوبها، وفي ذكر الحديد في الآية بيان لوجوب نصرة الله ورسوله بالقتال كلما حدث انحراف عن أمر الله، كما يجب القتال أصلا لنصرة شرع الله.
٣ - وأما محل الآية في سياق السورة العام وصلتها بالمحور؛ فمن حيث إن الآية تحدثت عن الكتب والرسل، ونصرة الله بالغيب، ولذلك صلته بقوله تعالى عن القرآن هُدىً لِلْمُتَّقِينَ كما أن له صلة بقوله تعالى من سورة البقرة الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فمن آثار الإيمان بالغيب استعمال السلاح لنصرة الله ورسوله، ولقد جاء في الفقرة الأولى من سورة الحديد: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ وفي هذه الفقرة يذكر الحديد وتذكر الحكمة في خلقه، وهي أن ينصر المسلمون دين الله، فما أشد تقصير المسلمين إذ أصبحت صناعة السلاح بيد غيرهم.
٤ - وفي نصرة الله ورسوله بالسلاح- في سياق السورة التي ركزت على الإيمان والإنفاق- إشارة إلى أن على المسلمين أن ينفقوا من أجل صناعة السلاح وتأمين السلاح.
وتعليقا على هذه الآية أقول: واضح من الآية أن الله عزّ وجل خلق الحديد ليضع بيد أوليائه السلاح لينصروه، وينصروا رسله وشريعته، فما أشد غفلة المسلمين عند ما يكونون أقل الخلق استعمالا للسلاح، وتملكا له وبحثا عنه على مستوى دولهم وأفرادهم. أليس عجيبا ألا نجد الآن في العالم الإسلامي مصانع سلاح إلا قليلا، في الوقت الذي وصلت فيه الدول الكافرة إلى تملك أنواع من الأسلحة كافية لتدمير العالم مرات ومرات.