سورة فاطر لتبيّن نقطة البداية فيه، وجاءت سورة يس لتكمّل قضية الأساس في قبول الإسلام كله، ومن ثم نفهم كيف أن كل مجموعة من مجموعات القرآن لها تكاملها، ولها دورها في بناء قضية الإسلام لرب العالمين.
...
ومن المعنى السابق ندرك خطأ الذين يتصورون أنّ فهم شئ من القرآن- حتى ولو كان سورة البقرة- يغني عن فهم كل آية من آيات القرآن؛ لأن كل آية، وكل سورة، وكل مجموعة، لها غناؤها، وفيها فقهها الخاص بها، ولها دورها في بناء النفس البشرية، والأمّة الإسلامية، وفي تفصيل القضايا النفسية، أو الشروط النفسية، أو غير ذلك مما يلزم عملية البناء، صحيح أنّ كل مجموعة من المجموعات، أو كل قسم من الأقسام، يذكّر بالقضايا الرئيسية، بل قد تجد سورا قصيرة تذكّر بالمعاني الرئيسية، إلا أن التذكير شئ، وفهم الإسلام كله شئ آخر. لقد جعل الله كتابه فيه تبيان كل شئ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل: ٨٩] ومن ثمّ فلا يتعرف الإنسان تعرفا كاملا على القضايا كلها إلا من خلال فهم الكتاب كله.
...
وإذ أدركنا من خلال المجموعة المارّة كيف تتكامل كل مجموعة من المجموعات ندرك صلة الآيات التي تشكّل محاور هذه المجموعات من سورة البقرة مع بعضها، وهو موضوع تحدّثنا عنه من قبل فلا نعيده، ولكنا هنا نقول: إن تفصيل المجموعات لسورة البقرة يأخذ كل مرة منحى جديدا، وطابعا جديدا، وأسلوبا جديدا، بحيث يوجد عندنا في كل مرة، وبكل مجموعة موضوع متكامل يؤدي دوره في بناء الشخصية المسلمة والأمة المسلمة، ومن الملاحظ أن بعض آيات سورة البقرة يتكرر تفصيلها في كل مجموعة، بينما لا يتكرر تفصيل بعض الآيات، ولذلك صلته باحتياجات النفس البشرية لتكرار بعض المعاني، أو لاحتياج معنى من المعاني إلى تفصيلات كثيرة.
وبهذا ننهي الكلام عن المجموعة الأولى من قسم المثاني ولله الحمد والمنة.